VoyForums
[ Show ]
Support VoyForums
[ Shrink ]
VoyForums Announcement: Programming and providing support for this service has been a labor of love since 1997. We are one of the few services online who values our users' privacy, and have never sold your information. We have even fought hard to defend your privacy in legal cases; however, we've done it with almost no financial support -- paying out of pocket to continue providing the service. Due to the issues imposed on us by advertisers, we also stopped hosting most ads on the forums many years ago. We hope you appreciate our efforts.

Show your support by donating any amount. (Note: We are still technically a for-profit company, so your contribution is not tax-deductible.) PayPal Acct: Feedback:

Donate to VoyForums (PayPal):

Muhammad, the Prophet of God

Who is He?!

محمد رسول الله
صلى عليه الله و سلم
إذا ما سئلت في الغرب عن مصدر إعلامي حول سيرته

شبكة عجور الحاسوبية
Login ] [ Contact Forum Admin ] [ Main index ] [ Post a new message ] [ Search | Check update time | Archives: 123[4] ]

Subject: 3الثورة الأندلسية الكبرى


Author:
No name
[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]
Date Posted: 07:30:40 03/29/07 Thu
In reply to: 's message, "يوميات هروب من الأندلس إلى مراكش 1599" on 04:22:54 03/27/07 Tue

دون خوان النمسوي

جاءت ثورة الأندلسيين في سنة من أسوأ سنوات حكم فيليب الثاني، اذ كانت انتفاضة الهولنديين على أشدها منذ اندلاع الاضطرابات هناك قبل سنتين، وبدأ العثمانيون يحققون الانتصار تلو الآخر في البحر الأبيض المتوسط وراحوا يهددون شواطئ ممالكه هناك. وفي تلك السنة أيضاً اندلعت الثورة في قطالونيا وقطعت أساطيل البروتستانت الطرق البحرية الى خليج بسقاية، ثم فقد فيليب زوجته المفضلة ماري ومات ابنه ووريثه دون كارلوس في السجن الذي أودعه فيه والده بعدما ظهرت عليه علائم الجنون. وخشي فيليب الثاني أن يستفحل خطر الثورة ويستغل العثمانيون استمرارها لمهاجمة صقلية والجزائر الشرقية وربما الجنوب الأندلسي فاختار لمهمة القضاء على الثورة أخاه دون خوان النمسوي الذي كان زنوة والده كارلوس الخامس مع محظيّة هولندية. ولم يكن دون خوان وقتها تجاوز الثانية والعشرين، لذا عيّنه رئيساً للمجلس الحربي لكنه لم يطلق يده في اتخاذ القرارات التي يشاءها، وربط ذلك بموافقة جميع أعضاء المجلس الذي تألف من مركيز مندخار، ودوق سيسه (حفيد غونثالو القرطبي »القبطان العظيم«)، وبدرو دي ديثا رئيس المحكمة العليا المقرّب من الكردينال اسبينوزا رئيس مجلس قشتالة، ثم لويس كيخادا الذي كان مرافقاً خاصاً للملك فيليب الثاني10. وأوصى فيليب الثاني دون خوان بضرورة اتخاذ قرارات المجلس بالإجماع، وإذا لم يتحقق هذا يجب عليه العودة إليه لاتخاذ القرار النهائي.

وغادر دون خوان مدريد في السادس من نيسان (إبريل) عام ٩٦٥١ وجرى لدى وصوله إلى غرناطة احتفال كبير شارك فيه الأندلسيون. وتجاهل دون خوان مستقبليه الأندلسيين وتوقف في الطريق إلى بعض النساء القشتاليات اللواتي كن يرتدين ملابس الحداد على اقربائهن، فأبدى تعاطفه ووعدهن بالانتقام السريع. وفي اليوم التالي زاره وفد من عرب المدينة يشتكون إليه جور السلطة ومضايقات الجنود النازلين في ضيافتهم فطلب منهم رفع تقرير رسمي بذلك يتضمّن ما يمكن إثباته بشهود

وكان اللقاء جافاً والتوعّد ظاهراً فخرج الأندلسيون وهم يتوقعون الأسوأ. وكان على دون خوان التحرّك بسرعة للقضاء على الثورة خوفاً من انتقالها إلى الأندلسيين في أرغون. ولما عرض دون خوان على أعضاء المجلس هذا الرأي أخذوا به لكنّ مركيز مندخار عارضه وأعرب عن اعتقاده أن التفاوض وليس الحرب هو طريق إنهاء الأزمة. وأمام هذا الموقف نشد المجلس موافقة فيليب الثاني فكتب إليه دون خوان رسالة مُطوّلة أوصى فيها بالحزم في التعامل مع الثوار، وتعهد لأخيه بالقضاء على الثورة سريعاً إن اعطاه الصلاحيات وأطلق يديه.

وكان دون خوان واثقاً أن فيليب سيأخذ برأيه فاستبق الموافقة وبدأ تنظيم الجيش، وراح يراسل النبلاء في الجنوب لمدّه بالرجال والسلاح والتجمع في غرناطة استعداداً لبدء العمليات العسكرية. واحتشد الجند واستعدوا فيما انتظر دون خوان جواب فيليب. إلا أن الانتظار طال، ولم تكن هناك فائدة من استعجاله لأنّه لم يكن يحب الاستعجال في شيء. واستغل الأندلسيون تردد الملك فالتحق بالثوار عدد كبير من المتطوعين حتى صار قوامهم نحو عشرة آلاف مقاتل، وبدأوا يشنون الهجمات على مواقع القوات القشتالية فاستملكوا عدداً منها، ثم نقلوا الحرب إلى مناطق قريبة من مدينة غرناطة ودارت معارك بينهم وبين القشتاليين قرب الأسوار. وسرت في القشتاليين المخاوف من إنقلاب الإندلسيين الغرناطيين عليهم فتشددوا في معاملتهم مما أدى إلى فرار بعضهم من المدينة والالتحاق بمعاقل الثوار. وخلال فترة قصيرة اتسعت الرقعة التي بسط عليها الثوار نفوذهم حتى شملت معظم المناطق المحيطة بمدينة غرناطة.

ووصلت أخيراً أوامر فيليب الثاني آخذاً في الاعتبار معظم توصيات أخيه لكنّه أمر بشطر القوات التي تجمّعت شطرين أسند قيادة الأول إلى مركيز مندخار والثاني إلى منافسه مركيز بلش مالقه، لكنه حظر في الوقت نفسه على دون خوان الاشتراك في أي عمليات عسكرية. وتوجد تفسيرات عدّة لهذا القرار يبدو أن الأقرب منها إلى القبول غضاضة دون خوان والخشية من أن يتسبب مقتله في إعطاء الأندلسيين نصراً معنوياً كبيراً يقوّي شوكتهم ويشجع أندلسيين آخرين على الانضمام إليهم. وربما كان الأهم من قرار فيليب الثاني منع دون خوان من المشاركة في القتال هو وضع مركيز بلش مالقة في صف مركيز مندخار. واعتبر باقي أعضاء المجلس هذا التكليف تشكيكاً من الملك بمركيز مندخار فانهزّت الثقة به وخضعت قراراته للمساءلة وتصرفاته للمراقبة.

بداية حروب المقاومة الأندلسية

حاول مركيز بلش مالقة إثبات تفوّقه على منافسة مركيز مندخار فور تسلّمه قيادة المنطقة الشرقية فتوغل بجنوده سريعاً في جبل البشرات واحتل ممر رباحة الاستراتيجي لقطع الإمدادات عن الثوار. لكنّ مركيز بلش مالقة لم يحفظ المداخل فطوّق الثوار الممر وعزلوا الجنود ونشبت معارك متقطعة مُنيت قوات المركيز فيها بخسائر كبيرة اضطرتها إلى الإنسحاب وإعادة التمركز في بلدة برجة الواقعة على الجنوب الشرقي من جبل الثلج (نيفادا). وتقدم الثوار إلى البلدة فحاصروها لكن جنود المركيز تمكّنوا من صدهم وألحقوا بهم الخسائر فكبس المركيز على الثوار مستغلاً تراجعهم. ولم ينتبه المركيز إلى امتداد الثورة إلى البلدات الواقعة على نهر المنصورة إلا بعد فوات الأوان فارتدّ إلى مدينة عدرة الواقعة على الساحل جنوبي برجة وبعث يطلب مدّه بالجنود من الجهة الوحيدة المفتوحة أمامه وهي البحر. وذاعت أنباء انتصارات الثوار فتحمّس الأندلسيون في المناطق المحيطة بمدينة الحامة وقاموا على القوات القشتالية فانسحبت من أرياف المنطقة ومعها المليشيات القشتالية وتحصنت وراء أسوار المدن. وعمّت بعدها الانتفاضة الجنوب، وبدأ الأندلسيون مناوشات عسكرية حول بعض أهم مدن مملكة غرناطة مثل مالقه وبلش مالقة ومطريل Motril والمنكب Almunecar.

وفاجأ تسارع الأحداث دون خوان فبعث إلى فيليب الثاني يستعجله إمداده بقوات إضافية فأصدر أوامره إلى القائد الأعلى ريكويسنس بوقف مسير جيش من الجنود المحترفين إلى إيطاليا لتعزيز القوات الإسبانية تحسّباً من هجوم العثمانيين، والتوجه على الفور إلى الجنوب لقمع الثورة في جبال الحامة. واشتبكت قوات ريكويسنس مع الثوار وارغمتها على التراجع، ثم هاجم مدينة فرجالة Frigiliana التي كانت وقتها من أقوى معاقل الثوار.11 وحاول ريكويسنس اقتحام المدينة مرات عدّة فمُني بخسائر كبيرة أجبرته على ضرب الحصار حولها. وخرج الثوار الأندلسيون من المدينة إلى القوات القشتالية لكسر الطوق عنها فدارت معركة عنيفة انضمت خلالها مليشيات مالقة إلى قوات ريكويسنس فقلبت الميزان وانكسر الثوار فاقتحمت القوات المشتركة المدينة. وفي التاريخ الإسباني أن قوات ريكويسنس والمليشيات فقدت في المعارك التي دارت على مشارف فرجالة نحو ٠٠٦ شخص لكنها تمكنت من قتل ألفين إلى ثلاثة آلاف أندلسي في حين تمكّن نحو ألفي أندلسي من الانسحاب والالتحاق بمعكسر ابن أميّة. واشتركت الأندلسيات إلى جانب الرجال في محاولة منع القوات القشتالية من دخول فرجالة لكن المؤلف الأميركي برسكوت يقول إن جماعات من النساء الأندلسيات فضّلن بعد اقتحام المدينة الانتحار برمي أنفسهن من على الأسوار والشواهق تخلّصاً من الاغتصاب والسبي الذين كان ينتظرهن.12

ورد الثوار على سقوط فرجالة في منتصف سنة ٩٦٥١ بهجوم شنّه نحو خمسة آلاف ثائر على مدينة سيرون Seron التي كانت احدى المدن التي بقيت بيد القشتاليين في وادي نهر المنصورة الواقع شمال مدينة المرية. وأخفق الثوار في أخذ المدينة نتيجة المقاومة العنيفة التي أبدتها الحامية بقيادة ميرونس Mirones، فضرب عليها الثوار الحصار في الثامن عشر من حزيران (يونيو) من السنة ذاتها وقطعوا طرق تموينها. وكان دون خوان كتب إلى فيليب الثاني يقترح عليه نفي سكان مدينة غرناطة بموافقة دي ديثا عندما وصلت إليه أنباء حصار سيرون فأمر قائداً عسكرياً يُدعى ألونصو كربخال بالتوجه لرفع الحصار. لكن فيليب كان سمع بالحصار أيضاً فأمر مركيز بلش مالقة بتولي مهمة انقاذ الحامية. ولا نعرف سير الأحداث بعد ذلك، إلا أن رواية إسبانية تقول إن المدينة استسلمت فدخل الثوار وقتلوا جميع من تخطّى الثانية عشرة من العمر وأسروا النساء والأطفال.

مواجهة الثورة الأندلسية

انتقم دون خوان لسقوط سيرون بنفي معظم سكان مدينة غرناطة وامتد هذا الانتقام إلى المسؤول الوحيد الذي أبدى بعض التعاطف مع الغرناطيين فجرّد دون خوان مركيز مندخار من معظم صلاحياته بعد موافقة فيليب الثاني. وصغر شأن المركيز بعد ذلك وضعفت نفسه ومات قبل نهاية السنة. وكان دون خوان يعتقد أن قيادة القوات القشتالية ستؤول إليه إلا أن فيليب أصر على موقفه السابق وأسند هذه المهمة إلى مركيز بلش مالقة. وهنا استاء دون خوان من هذه الخطوة وبدأ حملة لعزله فكتب إلى فيليب الثاني يذكّره باخفاقاته العسكرية وضمّ إلى صفه ريكويسنس الذي أوصى في كتاب إلى الملك فيليب بعزل مركيز بلش مالقة فاستجاب وأمر بما اقترحاه. وفيما انشغل دون خوان بإزالة العقبة الأخيرة التي وقفت بينه وبين قيادة الجيش، نقل الثوار عملياتهم إلى الجبال الغربيّة. واسند بن أميّة قيادتهم إلى أخيه الغالب، وانحسرت سلطة جنود فيليب الثاني في الجنوب، وفقدوا السيطرة على أغلب الأرياف.

وإزاء هذه التطورات اقترح دون خوان على أخيه خطة شاملة للقضاء على الثورة شرط إمداده بالقوات، فوافق فيليب الثاني وعهد إلى دون خوان إعادة تنظيم الجيش في انتظار وصول التعزيزات. وتولّى دون خوان قيادة المنطقة الشرقية مؤقتاً، فيما تسلّم دوق سيسه مهمة حراسة الطرق والممرات المؤدية إلى غرناطة من جبل البشرات. وفيما كان دون خوان يعيد تنظيم قواته تمرّد قسم من حامية غرناطة، إذ نزل هؤلاء في ضيافة القشتاليين بعد تهجير الأندلسيين من المدينة لكنهم لم يجدوا معاملة مشابهة فعمّ الاستياء وتطاولوا على مستضيفيهم محتجّين على نوع الطعام المقدّم لهم والخدمات القليلة الممنوحة لهم. وأثار احتجاجهم استياء القشتاليين فشكوا الجنود الى السلطة وتوقفوا عن خدمة جنود الحامية فأعلن هؤلاء العصيان. وبعد التحقيق في الأسباب طرد دون خوان 37 ضابطاً من أصل 45 وأعاد السيطرة على الجنود واتخذ غرناطة مقراً عاماً، وبدأ الجنود وقوات المليشيات يتدفقون على غرناطة من المدن القشتالية القريبة، وبات المسرح معداً لشن الهجوم الأخير قبل أن يحل الشتاء بثلوجه ويمنع حركة الجنود، الأمر الذي كان سيؤدي الى تأجيل الحملة ضد الثوار حتى الربيع.

ونحو نهاية عام ٩٦٥١ استغل الأندلسيون تباطؤ حركة الجيش بسبب الشتاء وقطعوا بعض خطوط التموين مع الشمال فاضطر دون خوان إلى تحريك قواته وشن سلسلة من العمليات العسكرية لإعادة فتح هذه الخطوط لكن استمرار بقائها مفتوحة اقتضى اقتحام مركز كان الأندلسيون يستخدمونه للإغارة على تلك الخطوط. وهكذا قاد دون خوان جيشاً من الجنود والمليشيات وحاصر مدينة غاليرا Galera الواقعة إلى الشمال الشرقي من بسطة في التاسع عشر من كانون الثاني (يناير) عام 1570.واستمر هذا الحصار نحو الشهر جرت خلاله مفاوضات لتسليم المدينة لقاء عهود قطعها دون خوان على نفسه بالإبقاء على أرواح أهلها وأملاكهم لكن ما أن دخلها حتى »أمر بقتل جميع سكان المدينة المقدّر عددهم بحوالي ثلاثة آلاف بعد اغتصاب نسائها. ووصلت أعمال القتل والإغتصاب إلى قدر فظيع من الوحشية أرهق الجنود فتفرقوا في كل الاتجاهات صباح اليوم التالي عندما وصلت مجموعات من الأندلسيين لنجدة أهل المدينة. وحاول دون خوان إعادة تنظيم جنوده وقوات المليشيات إلا أنه أخفق في ذلك مرات عدّة وكاد يهلك خلال محاولاته تلك«.13

وبقي دون خوان في غاليرا حتى مطلع شباط (فبراير) عام ٠٧٥١ قاد بعدها نحو ثلاثة آلاف راجل و200 فارس وكتائب من حملة البنادق ورماة المدفعية وبدأ هجوماً مزدوجاً على مدينة سيرون التي كان الثوار أخذوها في تموز (يوليو) السابق. وعهد دون خوان الى ريكويسنس قيادة الهجوم الأول وإلى تابعه كيخادا قيادة الثاني وارتقى تلاً مشرفاً راقب منه سير العمليات. واخترق الهجومان خطوط الدفاع الأندلسية فاحتمى قسم من الأهالي في المساكن الحصينة فيما انسحب آخرون إلى الجبال.

ودخل قسم من المشاة بقيادة لوبي دي فيغيروا Lope de Figueroa الجزء المُخلى من المدينة وبدأ نهب المساكن، إلا أن الأندلسيين كانوا طيّروا الدخان إشارة إلى طلب النجدة فهبط إلى المدينة آلاف الأندلسيين يتقدمهم قائد نعرفه باسم »الحبقي« المسؤول عن تلك المنطقة فتراجعت قوات دون خوان في كل الاتجاهات. أما المشاة في المدينة فأعمتهم المفاجأة فأسقطوا ما سلبوه واحتموا في مساكن المدينة. وهنا أطبق الثوار عليهم وأحرقوا بعض المنازل التي احتموا بها. وعندما هدأت المعركة التي وقعت في السابع عشر من شباط عام 1570وتوقف الأندلسيون عن مطاردة القوات القشتالية أحصى دون خوان نحو 600 قتيل فوقهم المشاة الذين قتلوا أو احترقوا في سيرون. وأصيب كيخادا في تلك المعركة بطلقة في كتفه الأيسر ومات متأثراً بجرحه، كما أصابت طلقة خوذة دون خوان لكنها لم تكن مؤثّرة.

معركة ليبانت البحرية وبدء مفاوضات إنهاء الثورة

بعد يومين من الحادثة الأخيرة اتضحت لدون خوان ضرورة الحصول على إمدادات إضافية فكتب الى فيليب الثاني يصف له الوضع ويطلب إرسال القوات بسرعة. وتضمّن ردّ فيليب على الرسالة الوعد بإرسال ألفي جندي آخر لكن الردّ تضمّن طلباً لم يتوقعه دون خوان هو إنهاء الحرب مع الأندلسيين بأقصى سرعة ممكنة، وفتح باب المفاوضات على الفور.

ويعود سبب هذا الطلب المفاجىء إلى تطورات حاسمة كان إيقاع خطواتها يتسارع في الجانب الآخر من أوروبة. ففي مطلع عام ٠٧٥١ بدأت الأساطيل العثمانية تقترب من جزيرة قبرص التي سيطر عليها البنادقة مستغلة انشغال جيوش فيليب الثاني في قمع الثورة الأندلسية. وفي بداية شباط (فبراير) عام ٠٧٥١وجّه العثمانيون إنذاراً نهائياً إلى البندقية بتسليم قبرص التي كانت تُستخدم قاعدة لاعتراض السفن العثمانية والعربية والإغارة على بعض المدن مثل الإسكندرية. ولجأت البندقية إلى البابا بيوس الخامس فعرض على فيليب الثاني إنشاء تحالف ضد العثمانيين يستهدف اسطولهم الكبير الذي بدأ يهدد أغلب شواطىء البحر الابيض المتوسط. واقتضت خطة البابا تشكيل قوة بحرية كبيرة من أساطيل البندقية المتحالفة مع أساطيل دول أوروبية أخرى يقودها فيليب الثاني بنفسه، على أن تتولى البابوية تمويل هذه الحملة من الضرائب التي أقر البابا بعضها على سائر أهل الكاثوليكية، ومن محصلة بيع صكوك الغفران.

ولم يكن فيليب غادر قشتالة يوماً واحداً منذ استلم عرش البلاد، ولم يكن يعتزم مغادرتها آنذاك فاقترح على البابا تسليم قيادة الحملة إلى دون خوان فور إخماد الثورة الأندلسية في الجنوب. لكن دون خوان لم يكن حتى تلك الفترة في وضع يمكّنه من إنهاء الثورة التي استفحلت وعمّت قسماً كبيراً من مملكة غرناطة. وبات الوقت على غاية كبيرة من الأهمية، وانتقلت الثورة الأندلسية من دورها المحلي المحصور بمملكة غرناطة إلى دور عالمي أعاق قيادة الإسبان واحدة من أهم معارك القرن السادس عشر.

وأمام هذا الوضع وجّه فيليب الثاني دون خوان لفتح المفاوضات مع الأندلسيين وبدأ مفاوضات مع البابا أطالها متعمداً لإعطاء دون خوان الفرصة لانهاء الثورة الأندلسية. وبدأ دون خوان مفاوضاته باجتماعات عدّة عقدها مع الفارس الحبقي. ودعم فيليب الثاني سير المفاوضات فأصدر إرادة ملكية منحت جميع الأندلسيين عفواً شاملاً لكنها توعّدت بإعدام جميع الرجال والشبان الذين تفوق أعمارهم الرابعة عشرة إن لم يستسلموا خلال ٠٢ يوماً من صدور الإرادة. ولا نعرف طبيعة المفاوضات بين دون خوان والحبقي، إلا أنه يمكن ربطها بما حدث بعد ذلك إذ انسحبت قوات الحبقي من سيرون ثم من تجلة Tijola وبرشانة Purchena فنقل دون خوان مقر قيادته إلى البذّول Padules القريبة من وجر أندرش Lujar de Andarax في الثاني من أيار (مايو) ٠٧٥١، وبسط سيطرته الكاملة على سائر المدن والقرى في وادي نهر المنصورة ونشر قواته في أغلب المناطق الواقعة إلى الشرق من جبل البشرات. وبدأت كتائب دون خوان تجوب الارياف للقضاء على جيوب المقاومة، وشملت العمليات إتلاف الحقول والمزارع وإحراق بيوت الفلاحين الأندلسيين فتحوّلت المنطقة إلى خراب كي لا تقدم أسباب الحياة لأي مخلوق، »وكانت هذه هي طبيعة إجراءات المصالحة التي استخدمتها الحكومة للقضاء على الثوار«.14

وفيما عاثت قوات دون خوان في منطقتها فساداً، قاد دوق سيسة جيشاً من عشرة آلاف راجل و200 فارس للقضاء على الثورة في المناطق الشمالية من جبل البشرات، إلا أن قوات إبن أميّة تصدت للجيش بإغارات كثيفة وفرّت أعداد من الجنود فانسحب دوق سيسة إلى الساحل ثم التحق بمعسكر دون خوان في البذّول. وهنا بعث دون خوان إلى الحبقي يطلب بدء جولة جديدة من المفاوضات الشاملة فوافق وبدأت هذه المرة في الثالث عشر من أيار في قرية تدعى فندون اندرش Fondón de Andarax بحضور الحبقي وعدد من الزعماء الأندلسيين.

واشترط الوفد الأندلسي لوقف القتال إصدار عفو عام جديد والغاء مرسوم الأول من كانون الثاني عام 1567 فطلب دون خوان أن يأتيه الوفد بما يثبت موافقة ابن أميّة على الشروط، فيما عهد إلى أمين سره خوان دي سوتو Juan de Soto الإشراف على صياغة بنود الاتفاق الجديد. وفي التاسع عشر من أيار عاد الوفد إلى معسكر دون خوان بموافقة ابن أميّة فصادق الحبقي على الاتفاق ممثلاً عن الجانب الأندلسي. وبعد انتهاء المراسم انسحب الوفد الأندلسي باستثناء الحبقي الذي بقي في المعسكر ضيفاً على دون خوان وحضر مأدبة عشاء دُعي إليها القادة والأعيان بمن فيهم رئيس أساقفة وادي آش Guadix.

ولما انتهى إلى علم ابن أميّة بقاء الحبقي في معسكر دون خوان ثارت شكوكه، وتحوّلت الشكوك إلى إنكار بعدما عرف أن اتفاق العفو عن الأندلسيين يتضمن بنداً يقضي بإبعاد جميع سكان البشرات عن أماكن اقامتهم على أن يتكفّل الملك برعايتهم في مناطق سكناهم الجديدة.15 وهنا بعث ابن أميّة إلى دون خوان ينفي موافقته على هذا البند. ولما أجابه دون خوان أن البند موجود في الاتفاق الذي صادق عليه الحبقي ثار ابن أميّة واتهم الحبقي بتجاوز صلاحياته. ولما سمع الحبقي بما حدث خرج من معسكر دون خوان إلى سكناه في بلدة برشل Berchules الجبليّة المطلة على مناظر خلابة في الجنوب، فبعث ابن أميّة جماعته إليه فساقوه الى محل اقامته في مسينه Mecina Bombaron الواقعة إلى الشرق من برشل حيث أعدموه ولفوا جثته بالقش ورموها في واد عميق. ولما استفقد دون خوان الحبقي وعرف بمقتله بعث هرنان بال دي بلاثيوس إلى معسكر ابن أميّة يعرض الصلح فرد عليه: »لا أمنع قومي من فعل ما يشاؤون لكن ابلغ سيدك انني لن أسلك سبيلهم ما بقي عليّ كساء يستر ظهري. وإن لم يصمد أحد من البشرات فأنا صامد وحدي مفضّلاً أن أعيش مسلماً وأموت مسلماً على أن أنعم بكل ما يمكن ان يقدمه إليّ فيليب الثاني«.16 وحين عاد هرنان إلى دون خوان بقرار ابن أميّة بدأ الأخير في إعداد جنوده للقضاء على الثورة، وانتظر موافقة فيليب على إرسال إمدادات عسكرية جديدة لشن الحملة النهائية على الأندلسيين في مملكة غرناطة.

[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]

Replies:
Subject Author Date
4الثورة الأندلسية الكبرىNo name07:31:44 03/29/07 Thu


[ Contact Forum Admin ]


Forum timezone: GMT-8
VF Version: 3.00b, ConfDB:
Before posting please read our privacy policy.
VoyForums(tm) is a Free Service from Voyager Info-Systems.
Copyright © 1998-2019 Voyager Info-Systems. All Rights Reserved.