VoyForums
[ Show ]
Support VoyForums
[ Shrink ]
VoyForums Announcement: Programming and providing support for this service has been a labor of love since 1997. We are one of the few services online who values our users' privacy, and have never sold your information. We have even fought hard to defend your privacy in legal cases; however, we've done it with almost no financial support -- paying out of pocket to continue providing the service. Due to the issues imposed on us by advertisers, we also stopped hosting most ads on the forums many years ago. We hope you appreciate our efforts.

Show your support by donating any amount. (Note: We are still technically a for-profit company, so your contribution is not tax-deductible.) PayPal Acct: Feedback:

Donate to VoyForums (PayPal):

Muhammad, the Prophet of God

Who is He?!

محمد رسول الله
صلى عليه الله و سلم
إذا ما سئلت في الغرب عن مصدر إعلامي حول سيرته

شبكة عجور الحاسوبية
Login ] [ Contact Forum Admin ] [ Main index ] [ Post a new message ] [ Search | Check update time | Archives: 12[3]4 ]

Subject: معركة الأرَكْ


Author:
No name
[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]
Date Posted: 13:27:25 08/02/07 Thu
In reply to: 's message, "الموحدون" on 06:48:28 04/20/07 Fri

: معركة الأرَكْ
(الأرك): حصن على بعد عشرين كيلومترا إلى الشمال الغربي من قلعة رباح، على أحد فروع نهر وادي آنه ، وهي نقطة الحدود بين قشتالة والأندلس في حينه . تجهز الفونسو الثامن ملك قشتالة للقاء الجيش الإسلامي منذ سمع بعبور الموحدين وطلب العون من ملكي ليون وونبارة(2) واستفز كل ملوك أسبانيا المسيحية واستصرخ البابا في روما وقدمت إليه جيوش من فرنسا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: الأرك ، شوقي ابوخليل ص53،54.
(2) المصدر السابق ص54.
والمانيا وهولندا وغيرها من الديار الأوربية ووافته جنود اوربية كبيرة يقودها فرسان ذو خبرة عسكرية طويلة وتجربة ماهرة وممتازة في الحروب ضد المسلمين حتى لقد قدرت القوات الأوربية التي احتشدت في مواجهة القوات الإسلامية بـ (150 ألف جندي) تزيد عن ثلاث أضعاف القوات الإسلامية(1). وتحركت تلك القوات ونزلت في الأرك ، ونزل أبو يوسف يعقوب المنصور على مقربة من المعسكر القشتالي ، ومرّت عدة أيام لم يقع فيها إشتباك(2).

خطة الموحدين :
إجتمع المجلس الحربي الإستشاري للموحدين برئاسة زعيمهم أبو يوسف يعقوب المنصور وتناقشوا في الخطة التي يجب اتباعها في المعركة ، واستمع الزعيم لرأي الجميع ، ثم التفت إلى زعماء الأندلس ، وطلب رأي ابي عبدالله بن صناديد ، لقد كان من أعقلهم وأخبرهم بمكائد الحروب ، وكان أبو يوسف المنصور يفضل آراء الأندلسيين في معرفة أفضل الخطط لمحاربة النصارى ، إذ أنهم يخوضون الحرب مع جيرانهم بلا انقطاع ، فهم لذلك أعرف الناس بطرق النصارى ومكائدهم ، وكان من راي ابن صناديد أنه يجب أن توضح خطة موحدة لتسيير دفة الحرب ، إذ كان هذا التوحيد والنظام والتنسيق التام ينقص الموحدين في حروبهم السابقة ، ولا سيما في معركة شنترين ، وأنه يجب أن يختار أمير الموحدين قائدا عاما للجيش كله ، فوقع اختيار المنصور على كبير وزرائه ابي يحي بن أبي حفص ، الذي امتاز بالفطنة وصفاء الذهن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: موسوعة المغرب العربي ص231.
(2) انظر: معركة الأرك ص55.
والشجاعة في كثير من الحروب والوقائع .
وكذلك يجب أن يتولى قيادة الأندلسيين زعمائهم ، وهو ما لم يتبع دائما ، فكان يترتب على ذلك اضطراب الصفوف اثناء المواقع ، وكانت حماسة الأندلسيين تهبط حينما يتولى الأجانب قيادتهم ، على أنه مع ذلك كانوا يؤلفون قسما مستقلا من الجيش ينضوي تحت لواء القائد العام أبي يحي بن أبي حفص، ولما كان الأندلسيون والموحدون أو الجند المغاربة النظاميون يؤلفون قوة الجيش الرئيسية ، فقد نصح عبدالله بن صناديد بان يتولى هؤلاء لقاء العدو ومواجهة هجومه الأول ، وأما بقية الجيش وهي المؤلفة من قبائل البربر ، ومعظمهم غير النظاميين ، وجمهرة كبيرة من المحاربين والمجاهدين فيجب أن تكون قوة احتياطية للموحدين الأندلسيين ، تقوم بالعون والإمداد . أما أبو يوسف المنصور فيستطيع بحرسه أن يرجح كفة الموقعة كلها ، ويجب ان يرابط بقوته وراء التلال على مسافة قريبة ، ثم ينقض فجأة بجنوده المتوثبين على الأعداء المتبعين ، ويبادر بحضوره إلى تدعيم النصر المكسوب ، كل هذه الآراء أبداها الزعيم الأندلسي ، وأعجب أبو يوسف المنصور بها ، فوافق عليها ، وأمر بتنفيذها(1).
قلت: وهذه الخطة شبيهة بخطة المرابطين التي وضعوها في معركة الزلاّقة عام 479 هـ وهذا يدل على اهتمام أبي عبدالله ابن صناديد بالدراسة التاريخية الواعية .
وفي تلك الأثناء كان ألفونسو يستعد لمهاجمة المسلمين ونتيجة للأعداد الضخمة التي في حوزته رأى أن يترك أساليب الأسبان القديمة في الحرب ، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر : معركة الأرك ص56.
وهي تقضي بتجنب الإشتباك في المواقع والإمتناع في القلاع ، حتى ترغم قوى المسلمين الجرارة على الإنسحاب ، إما لنفاد المؤن ، أو لتفشي الأمراض، أو لحلول الشتاء ، ولكن ألفونسو رأى - وهو سيد جيش ضخم حسن الأهبة - أنه من العار أن ينسحب أمام العدو ، خصوصا وقد كان يؤمل أن يستطيع بقيادته أن يحرز نصرا باهرا على جيش الموحدين(1).
وفي 9 شعبان 591هـ/8 تموز (يولية) 1195 كانت موقعة الأرك الفاصلة الحاسمة . وفي صباح هذا اليوم ، أذاع أبو يوسف يعقوب المنصور بين سائر الجند ، لكي يذكي حماستهم للقتال ، خبر حلم رآه في الليلة السابقة ، مفاده أنه رأى في نومه فارسا بهي الطلعة ، على فرس أبيض يخرج من باب فتح في السماء ، وبيده راية خضراء ، وقد انتشرت في الآفاق ، يقوله له : إنه من ملائكة السماء السابعة ، وإنه جاء يبشره بالنصر بحول الله .
ونظم أبو يوسف يعقوب المنصور جيشه ، الذي قدرته الروايات الأوربية الكنسية بستمائة ألف مقاتل وهذا بالطبع مبالغ فيه ، فقد كان في الأغلب يساوي عدد جيش النصارى(2)، فاحتل الموحدون - أو القوات النظامية - القلب ، واحتل الجناح الأيسر الجند العرب أو احفاد فاتحي المغرب المسلمين ، ومعهم زناته وبعض القبائل الأخرى تحت ألويتهم الخاصة ، واحتل الجناح الأيمن قوى الأندلس بقيادة عبدالله بن صناديد . وتولى أبو يوسف المنصور قيادة القوة الاحتياطية مكونة من صفوة الجند والحرس الملكي ، ورفعت صفوف المتطوعين ومعظمها مكون من الجنود الخفيفة ، ولا سيما حملة النبال ، تحت ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: معركة الأرك ص57.
(2) المصدر السابق ص58.
أعلامها الخضراء ، وهو لون الموحدين ، إلى المقدمة ، لتفتتح القتال ، وهم جميعا يضطرمون شوقا إلى الفوز بالشهادة في سبيل الله تعالى(1) . وحين كمل الحشد قال القائد العام للجند إن المنصور أمير المؤمنين يقول لكم : "اغفروا له - فإن هذا موضع الغفران - وتغافروا فيما بينكم ، وطيبوا نفوسكم وأخلصوا لله نياتكم"(2).
فبكى الناس وأعظموا ما سمعوه من أميرهم المؤمن المخلص ، وما جرى من حسن معاملتهم وعدله بينهم(3).
وقام وخطب وحرض على الجهاد وبين فضله ومكانته وقدره ، وأخذ الناس مواقعهم وقد تنورت بصائرهم ، وخلصت لله ضمائرهم وسرائرهم ، وقويت أنفسهم وعزائمهم ، وتضاعفت نجدتهم وإقدامهم(4).
ونظم ملك قشتالة في تلك الأثناء جنده المتوثبة إلى القتال ، وكانت قلعة الأرَك تحمي موقعه من جانب ، وتحميه من الجانب الآخر بعض التلال ، ولا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة طرق ضيّقة وعرة ، وكان الجيش القشتالي يحتل موقعا عاليا ، وكانت هذه ميزة له في بدء القتال(5).
ولما تقدمت صفوف المسلمين المهاجمة إلى سفح التل الذي يحتله ملك قشتالة ، واندفعت إليه بحاول اقتحامه على اثر كلمات قائدها الملتهبة ، انقض زهاء سبعة او ثمانية الآف من الفرسان القشتاليين المثقلين بالدروع على ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: معركة الأرك ص58.
(2) صلاح الأمة في علو الهمة، د. سيد العضاني (6/240).
(3) المصدر السابق نفسه.
(4) انظر: تاريخ الأندلس لعبدالرحمن الحجي ص486.
(5) انظر: معركة الأرك ص59.
المسلمين كالسيل الجارف المندفع من علٍ(1).
وفي البيان المغرب في معرض الحديث عن القشتاليين، لما رأوا الجيش الاسلامي في سهل الأرك، وهم في المرتفع المشرف عليه: "فهبطوا من مراكزهم كالليل الدامس والبحر الزاخر، أسرابا تتلوها أسرابٌ، وأفواجا تعقبها أفواج، ليس إلا الصهيل والضجيج والحديد على وقع العجيج، فدفعوا حتى انتهوا إلى الأعلام، فتوقفت كالجبال الراسيات، فمالوا على الميسرة فتزحزح قوم من المطوعة وأخلاط من السوقة والأحرجة، فصعد غبارها الى الجو، فقال "أبو يوسف، المنصور لخاصته ومن طاف به: جددوا نياتكم وأحضروا قلوبكم ثم تحرك وحده وترك ساقته على حالها، وسار منفرداً من خاصته مقدما بشهامته ونجدته، ومر على الصفوف والقبائل، وألقى اليهم بنفسه كلاماً وجيزاً في الهجوم على عدوهم والنفوذ إليه، وعاد الى موضعه وساقته"(2) لقد رد المسلمون هجمات القشتاليين مرتين، ولكن العرب والبربر استنفذوا جميع قواهم لرد هذا الهجوم الشرس، ولما عززت صفوف النصارى بقوى جديدة، هجموا للمرة الثانية، وضاعفوا جهودهم واقتحموا صفوف المسلمين وفرقوها، وقتلوا قسما منها، واضطر الباقون إلى التقهقر والتراجع، وأكرم الله الآف من المسلمين بالشهادة، منهم القائد العام أبو يحيى بن أبي حفص، الذي سقط شهيد وهو يقاتل بمنتهى الشجاعة والرجولة والعزة والبسالة، وظن النصارى أنهم أحرزوا النصر بعد أن حطموا قلب جيش الموحدين، ولكن الجناح الأيمن للمسلمين بقيادة القائد الأندلسي أبي عبدالله بن صناديد انقض على النصارى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: معركة الأرك ص59.
(2) انظر: البيان المغرب ص194/195.
انقضاض الأسد على فريسته وأصابوا قلب جيشه القشتالي إصابة دامغة وكان ملك قشتالة يقود قلب جيشه بنفسه ويحيط به عشرة آلاف فارس، منهم فرسان الداوية وفرسان قلعة رباح، لقد استمرت المعركة وهي حامية الوطيس ساعات متتالية واستبدل المسلمون النقص في العدد، بالاقدام والشجاعة، حتى أنه لما زحف زعيم الموحدين في حرسه وقواته الاحتياطية، ورد تقدم الفرسان القشتاليين واضطرهم إلى الفرار في غير انتظام، لم يغادر ألفونسو وفرسانه عشرة الآلاف مكانهم في القلب، ذلك لأنهم أقسموا جميعاً بأن يموتوا ولا يتقهقروا، فاستمرت المعركة على اضطرامها المروع، والفريقان يقتتلان تحت سحب كثيفة من الغبار، وأرجاء المكان تدوى بوقع حوافر الخيل، وقرع الطبول، وأصوات الأبواق، وصلصلة السلاح، وصياح الجند، وأنين الجرحى(1).
وأيقن الموحدون بالنصر حينما انحصرت المقاومة في فلولا من النصارى التفت حول ملك قشتالة. وهجم أمير الموحدين في مقدمة جيشه لكي يجهز على هذه البقية، أو يلجئها إلى الفرار، فنفذ الى قلب الفرسان النصارى، والعلم الأبيض يخفق أمامه منقوشاً عليه: "لا إله إلا الله محمد رسول الله، لاغالب إلا الله". ولم يشأ الفونسو بالرغم من اشتداد ضغط المسلمين عليه من كل صوب، ومواجهته لخطر الهلاك والسحق المحقق، أن ينقذ نفسه بالفرار، وأن يتحمل عار الهزيمة، وتساقط معظم الفرسان النصارى حول ملكهم مخلصين لعهدهم، ولكن بقية قليلة منهم استطاعت أن تنجو وأن تقتاد الملك بعيداً عن الميدان، وأن تنقذ بذلك حياته(2).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: تاريخ الاندلس لأشباخ (2/86).
(2) انظر: الأرك ص61.
لقد انتهى يوم الأرك بهزيمة النصارى على نحو مروع، وسقط منهم في القتال ثلاثون ألف قتيل، بينهم زهرة الفروسية الأسبانية، وغنم المسلمون معسكر الأسبان بجميع مافيه من المتاع والمال، واقتحموا عقب الموقعة حصن الأرك، وقلعة رباح المنيعتين(1).
وسرعان ما ارتفع نجم الموحدين الحربي في كل مكان بعد انتصارهم في موقعة الأرك، وأمر يوسف المنصور باذاعة النبأ من منابر المساجد في جميع مملكته الشاسعة، وخصص خمس الغنائم بعد أن وزع باقيها على الجند لبناء مسجد ضخم في اشبيلية، اشتهرت منارته بارتفاعها البالغ مائتي متر(2)، كما بنى حصنا كبيراً في مراكش لتخليد ذكرى الموقعة.
وعامل أبو يوسف يعقوب المنصور الأسرى بالإحسان ومنحهم الحرية دون افتداء وكان عددهم عشرين ألفا وقد ساء وقع هذا الجود لدى الموحدين واعتبروه خطأً لكون ذلك العدد الهائل سيكون قوة عسكرية كبيرة ستشد أزر مملكة قشتالة فيما بعد وستسعى للانتقام من المسلمين(3).
لقد رأى أبو يوسف المنصور أن ينتهز فرصة انهزام ملك قشتالة وتفرق النصارى، فقام في أوائل سنة 592هـ/ 1196 بغزوة جديدة في قلب الأراضي النصرانية واخترق ولاية "استراما دورة" وعبر النهر الكبير "الوادي الكبير" في اتجاه نهر التاجة، وبعد أن فتح عدة حصون وقلاع، ظهر أمام أبواب طليطلة عاصمة قشتالة، فامتنع الفونسو مع جيشه الصغير بعاصمته ولم يجرؤ أن ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: روض القرطاس ص145.
(2) انظر: معركة الأرك ص63.
(3) المصدر السابق نفسه.
يحارب المسلمين في ميدان مكشوف نظرا لهبوط معنويات جنده بعد الأرك، ولقلة عددهم، وحاصر أبو يوسف المنصور طليطلة عشرة أيام محاولا اقتحام أسوارها المنيعة، لكنه لم ينجح، فعاد منسحباً جنوباً بسبب نقص التموين، بعد أن انتسفت الزروع بيد القشتاليين قبيل الأرك، فدب المرض في صفوف الموحدين، وكثر الموت بينهم، فاضطر أبو يوسف المنصور الى الانسحاب بعد أن وصل إلى مقربة من ضفاف دويرة، الذي لم يقترب من ضفافه منذ مدة طويلة أي جيش اسلامي، وكانت حملتهم هذه آخر حملة اسلامية تهيأ لاحتلال طليطلة(1).
واستطاع أبو يوسف يعقوب المنصور أن يفرق بين ممالك النصارى بعقد أحلاف معها وساعده على ذلك موقعه القوي ولذلك استجاب لطلب ملك ناقار وليون وعقد معهم حلفاً واضطر ملك قشتالة الى مقاومة هذه الأحلاف، فعقد في سنة 592هـ/1196م الهدنة مع الموحدين لكي يستطيع التغلب على أعدائه ورحب أبو يوسف المنصور بعقد هذه الهدنة لأن ثورات جديدة قامت في افريقية كانت تستدعي عودته إلى مراكش(2).
ولما جاءت رسل الفونسو المهزوم لمصالحة الموحدين قال الشاعر في مدح المنصور:
أهل بأن يُسعى إليه ويُرتجى
ويُزار من اقصى البلاد على الرجا
مَنْ قد غدا بالمكُرمات مُقلداً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: تاريخ الاسلام ، د. حسن ابراهيم حسن (4/215).
(2) انظر: معركة الأرك ص65.
وموشحاً ومختماً ومتَّوجا
عمرت مقامات الملوك بذكره
وتعطرت منه الرياح تأرُّجا(1).

رابعاً: نتائج معركة الأرك :
1- ارتفعت الروح المعنوية لمسلمي الأندلس بعد أن نزل بهم الويل والهلاك والدمار من قبل النصارى الإسبان.
2- سقوط هيبة ملوك النصارى أمام مسلمي الأندلس والمغرب والعالم الإسلامي كله.
3- حقق الموحدون نصراً عظيماً جعلهم يفكرون بجد في توحيد العالم الإسلامي كله تحت سلطانهم.
4- ارتفاع نجم السلطان أبي يوسف يعقوب المنصور والموحدين في العالم أجمع.
5- انصاعت بعض قبائل المغرب التي تفكر في الثورة على الموحدين وكانت تنتظر فرصة الوثوب على دولتهم.
6- عمت الأفراح أرجاء العالم الإسلامي في شرقه وغربه واعتقت الرقاب، وسر العلماء والفقهاء والأدباء وعامة المسلمين بهذا النبأ السعيد.
7- اصيب نصارى الأسبان بهزيمة نفسية أثرت في نفوسهم وتحطمت آمالهم في الإستيلاء على أراضي المسلمين في الأندلس وابعادهم.
8- جعلت ملوك النصارى يتسارعون في عقد المعاهدات مع دولة الموحدين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: النفخ الطيب (1/419).
وإيقاف الحروب والإذعان للشروط التي يضعها الموحدون.
9- تفجرت أحقاد القساوسة والرهبان في نفوسهم، فعملوا على توحيد الممالك وترتيب الأمور ورصّ الصفوف والدعوة إلى التنازل عن صراعات النصارى الداخلية.
10- دخلت معركة الأرك سجل التاريخ الإسلامي المجيد وسجلت على صفحات الزمان بماء الذهب الصافي.
وغير ذلك من النتائج.

خامساً: اسباب انتصار الموحدين في معركة الأرك :
لاشك أن النصر العظيم الذي حدث في معركة الأرك له أسباب عدة منها،
1- الاهتمام بتصحيح العقيدة ومحاولة الرجوع إلى الفهم الصحيح والتصور السليم وهذا ماقام به خليفة الموحدين أبو يوسف يعقوب بن يوسف حيث أعلن براءته من الاعتقاد بعصمة بن تومرت واستخف بمن بالغوا في تقديسه واهتم بالقرآن والسنة وشجع على الاهتمام بكتب الحديث المعتمدة وهذه محاولة جادة في إصلاح المنهج والاقتراب من منهج أهل السنة والجماعة.
2- اهتمام دولة الموحدين بالمرضى والضعفاء والأيتام والفقراء وكان السلطان أبو يوسف يعقوب المنصور يشرف بنفسه على هذه الأعمال لعلمه أن طريق النصر والتمكين من أسبابه الواضحة الاهتمام بالضعفاء.
3- محاربة المنكر والتضييق على الفساق وتغليظ العقوبة على أهل الكبائر باشراف السلطان بنفسه ونشر العدل بين الرعية والسعي لتنفيذ أحكام الشرع ولو على نفسه وأهله وأقاربه وحارب الظلم وعاقب العمال الذين تشكو الرعايا منهم وكان يشدد في إلزام الرعية باقامة الصلوات الخمس.
4- فتح باب الاجتهاد وحارب الجمود وألغى اهتمام الدولة بفروع الفقه والزم العلماء بأن لايفتون إلا بالكتاب العزيز والسنة النبوية، ولا يقلدون أحد من الأئمة المجتهدين المتقدمين(1)، بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباط القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس وبذلك فتح باب الاجتهاد لمن اجتمعت فيه شروطه. وابطل التقليد(2) ومن هؤلاء العلماء الذين مشوا على هذه الطريقة: أبو الخطاب بن دحية وأخوه أبو عمر وغيرهم(3).
5- احترام العلماء والقضاة والفقهاء في زمن أبي يوسف يعقوب بن يوسف وهذه قصة رائعة تدل على احترام أبي يوسف يعقوب المنصور للقضاة ووقوفه عند الشرع روى ابن خلكان: أن الأمير الشيخ أبا محمد عبدالواحد بن الشيخ أبي حفص عمر والد الأمير أبي زكريا يحيى بن عبدالواحد صاحب افريقية، كان قد تزوج أخت الأمير أبي يوسف المنصور، وأقامت عنده، ثم جرت بينهما منافرة فجاءت إلى بيت أخيها، فسيَّر الأمير عبدالواحد لطلبها فامتنعت عليه، وشكا الامير عبدالواحد ذلك الى قاضي الجماعة بمراكش، وهو القاضي أبو عبدالله بن علي بن مروان، فاجتمع القاضي المذكور بأبي يوسف المنصور وقال له: إن الشيخ أبا محمد عبدالواحد يطلب أهله، فسكت الأمير أبو يوسف المنصور. ومضى ذلك أيام. ثم إن الشيخ عبدالواحد اجتمع بالقاضي المذكور في قصر الأمير بمراكش، وقال له: أنت قاضي المسلمين، وقد طلبت أهلي فما جاؤوني، فاجتمع القاضي بأبي يوسف المنصور وقال له: يا أمير المؤمنين، ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان الأولى ان يفتح باب الاجتهاد لمن توفرت فيه شروطه وترك من أراد أن يقتدي في فتاويه
بالأئمة الأعلام من أمثال أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والزهري والأوزاعي رحمهم الله.
(2) انظر: الأعلام للزركلي (8/203).
(3) انظر: معركة الأرك ص71.
الشيخ عبدالواحد قد طلب أهله مرة وهذه الثانية، فسكت الأمير يعقوب. ثم بعد ذلك بمدة لقي الشيخ عبدالواحد القاضي بالقصر المذكور وقد جاء الى خدمة الأمير أبي يوسف المنصور فقال له: يا قاضي المسلمين، قد قلت لك مرتين وهذه الثالثة، أنا أطلب أهلي وقد منعوني عنهم. فاجتمع القاضي بالأمير، وقال له: يا مولانا إن الشيخ عبدالواحد قد تكرر طلبه لأهله، فإما أن تسيَّر إليه أهله وإلا فاعزلني عن القضاء. فسكت الأمير يعقوب أبو يوسف المنصور، ثم قال: يا أبا عبدالله ماهذا إلا جدّ كبير، ثم استدعى خادما وقال له في السر: تحمل أهل الشيخ عبدالواحد إليه فحملت إليه في ذلك النهار ولم يتغير على القاضي ولا قال له شيئاً يكرهه، لقد تبع في ذلك حكم الشرع المطهّر وانقاد لأوامراه، وهذه حسنة تعد له، وللقاضي أيضا، فإنه بالغ في إقامة منار العدل(1).
6- الحزم والقيادة الرشيدة التي تميز بها أبو يوسف المنصور في قيادته لدولة الموحدين حيث استطاع أن يوحد البيت المغربي الداخلي والقضاء على ثورات الأعراب وبني غانيه والمتمردين وقاد المعارك بنفسه واسند المهام الكبرى لأصحاب خبرة وحكمة ودراية وتجربة واسعة.
7- الإهتمام بمبدأ الشورى والابتعاد عن التسلط والإعجاب بالرأي وتهميش الآخرين ولذلك استمع أبي يوسف إلى الآراء في مجلس حربه واعطاء لأهل الاختصاص مكانة معنوية واستمع لزعيم الأندلسيين واستفاد من خبرته الطويلة في محاربة النصارى واعتمد خطة أبي عبدالله بن صناديد ذات الابعاد المتعددة.
8- الاهتمام بمعرفة نفسية الأقوام المشاركة في الجهاد فمثلاً، الأندلسيين ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: وفيات الأعيان (7/10،11).
يفضلون أن يكون زعيمهم منهم وترتفع معناويتهم وتنشط هممهم ويندفعون كالأسود عندما يكون قائدهم منهم ويحدث العكس عندما يكون قائدهم من غيرهم ولذلك جعل المنصور قيادة الأندلسيين لزعيمهم العظيم أبي عبدالله بن صناديد.
9- جودة التخطيط، وظهر ذلك في حشد الألوف من المجاهدين وتوفير العدة والعتاد وتقسيم المواقع واحكام الخطة في المعركة الفاصلة.
10- الاهتمام بتوحيد القيادة في المعارك الفاصلة ولذلك عين أبو يوسف المنصور أبا يحيى بن أبي حفص قائداً أعلى لجيوش الموحدين لما تميز به من حنكة وشجاعة ومهارة في القتال.
11- اذكاء روح الجهاد في الجنود وكان من عادة الموحدين من زمن أبي يعقوب يوسف بن عبدالمؤمن قبل الحرب أن يذكروا المجاهدين بأحاديث الجهاد ولقد أمر السلطان أبو يعقوب العلماء بأن يجمعوا أحاديث في الجهاد لتملى على الموحدين من أجل دراستها وحفظها وأصبح ذلك الفعل سنة في دولة الموحدين.
12- تواضع القيادة، ويظهر ذلك عندما طلب الأمير أبو يوسف المنصور من رعيته أن يغفروا له وأن يتغافروا فيما بينهم، فتأثر الناس وبكوا مما سمعوا من زعيمهم.
13- سريان روح الأمل والتفاؤل بالرؤى، ويظهر ذلك عندما أخبر أبو يوسف المنصور جيشه بما رأى من نزول فارس بهي الطلعة، على فرس أبيض من باب فتح من السماء وبيده راية خضراء وقد انتشرت في الآفاق يقول له: إنه من ملائكة السماء السابعة، وإنه جاء ليبشره بالنصر بحول الله وقوته.
وغير ذلك من الأسباب التي ظهرت من خلال دراسة عصر ابي يوسف يعقوب المنصور.

[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]

Replies:
Subject Author Date
Re: معركة الأرَكْاريد معركة الزلاقة03:40:32 09/28/07 Fri


[ Contact Forum Admin ]


Forum timezone: GMT-8
VF Version: 3.00b, ConfDB:
Before posting please read our privacy policy.
VoyForums(tm) is a Free Service from Voyager Info-Systems.
Copyright © 1998-2019 Voyager Info-Systems. All Rights Reserved.