VoyForums
[ Show ]
Support VoyForums
[ Shrink ]
VoyForums Announcement: Programming and providing support for this service has been a labor of love since 1997. We are one of the few services online who values our users' privacy, and have never sold your information. We have even fought hard to defend your privacy in legal cases; however, we've done it with almost no financial support -- paying out of pocket to continue providing the service. Due to the issues imposed on us by advertisers, we also stopped hosting most ads on the forums many years ago. We hope you appreciate our efforts.

Show your support by donating any amount. (Note: We are still technically a for-profit company, so your contribution is not tax-deductible.) PayPal Acct: Feedback:

Donate to VoyForums (PayPal):

Muhammad, the Prophet of God

Who is He?!

محمد رسول الله
صلى عليه الله و سلم
إذا ما سئلت في الغرب عن مصدر إعلامي حول سيرته

شبكة عجور الحاسوبية
Login ] [ Contact Forum Admin ] [ Main index ] [ Post a new message ] [ Search | Check update time | Archives: 12[3]4 ]

Subject: معركة الزلاقة


Author:
No name
[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]
Date Posted: 14:05:22 08/02/07 Thu
In reply to: 's message, "مختصر تاريخ الأندلس" on 06:06:11 04/20/07 Fri


العالم فى زمن ظهور دولة المرابطين
كانت أوروبا يتحكم فيها الإقطاعيون فى حالة همجية بعيدة عن التحضُّر ومعالم الحضارة والمدنية.
وكان العالم الإسلامى مُجزَّأ عند قيام دولة المرابطين، فظهر ملوك الطوائف فى بلاد الأَنْدَلُس، واستطاع السلاجقة أن يُطهِّرُوا العراق من بنى بويه، والعبيديون حكموا مصر، وبنو حَمَّاد فى المغرب الأوسط، والمعز بن باديس وأحفاده فى المهدية.
وتوسع المرابطون وشملت دولتهم أجزاء شاسعة من شمالى إفريقية «جزء من الجزائر والريف فى المغرب»، وضربت جذورها فى الصحراء حتى نهر النيجر والسنغال، فرفعوا راية الإسلام فى تلك الأماكن البعيدة.
وكان المشرق الإسلامى فى ظروف سياسية حرجة وصعبة قاسية حيث أمرُ الخلافة فى بغداد مهتز, والخليفة مُعَرَّضٌ للخطر، ولا يملك من أمر الخلافة شيئًا وإنَّما هو رمز تحكَّمَ فيه البويهيون، ومن بعدهم السلاجقة, أمَّا العبيديُّون فى مصر فتحالفوا مع الإفرنج من أجل مصالحهم وأطماعهم, فكان أمر المُسْلِمِين فى غاية الخطورة حتى قيَّض الله لأهل المشرق نور الدِّين محمود وصلاح الدِّين الأيوبى اللذين قاما بدور عظيم فى القضاء على النصارى والعبيديين ودحرهم، وفى هذه الظروف الصعبة والعصيبة أرادت حكمة الله وقدرته أن تخرج دولة المرابطين السُّنيَّة لتكون سدًا منيعًا ضد أطماع النصارى فى الأَنْدَلُس، ولتحمى الشمال الإفريقى من غاراتهم وأطماعهم، إنه تدبير العزيز العليم.
لقد أكرم الله تعالى المرابطين وجنودهم بالدفاع والذود عن الإسلام والمُسْلِمِين وعن أعراضهم وأموالهم وعقائدهم التى لا تقدر بثمن.
وأعزَّ الله الأمة بهم فى زمن عصيب ورفع الله بهم لواء الإسلام فى
المغرب والأَنْدَلُس.
واستطاعوا بجهودهم الجهادية أن ينقذوا إخوانهم فى الدِّين من ظلم النصارى وحقدهم الدفين، ويكبدوهم هزائم عسكرية أصبحت نبراسًا للأمة على مرِّ العصور ومرِّ الدهور.
أولاً: تكالب النصارى على المسلمِين وأطماع ألفونســو التوسعية:
بعد سقوط طُلَيْطِلَة بيد ألفونسو، بدا له أن كل شيء ممكن, وعمل على توحيد جهود النصارى، واتفقوا على سحق دولة الإسلام فى الأَنْدَلُس، معتقدين أن قدرتهم تكفيهم لأداء هذا المهمة المقدسة لديهم.
وترك النصارى خصوماتهم الدَّاخلِيَّة، وتوحَّدت مدنهم، وكوَّنوا جيشًا ضخمًا, واحتلوا مدينة«قورية» من بنى الأفطس، ووصلوا إلى ضواحى إشبيلية، وأحرقوا قراها وحقولها، وسارت فرقة من الفرسان إلى شذونة، ثم اخترقت جزيرة طريف قرب مضيق جبل طارق، كما حاصر القشتاليون- بمعاونة جند من الأرجونيين والقطلونيين الذين وضعهم ألفونسو السادس تحت قيادته- قلعة سَرْقُسْطَة الحصينة التى يضع سقوطها منطقة الأبير «ابرة» فى يد النصارى حتمًا، وتصبح الشواطئ الإسبانية المطلَّةُ على البحر الأبيض المتوسط عرضة لغاراتهم، يقول المؤرخ يوسف أشباخ: «وأثخن النصارى فى ولاية سَرْقُسْطَة كلها بالنار والسيف، ولم يكن يردُّهم فى الحرب أى اعتبار إنسانى ما دام الأمر متعلقًا بأعداء الدِّين، كما يعتقدون، ولكن الحصون الإسلاميَّة قاومتهم مقاومة شديدة، وتلقى المؤتمن بن هود وعدًا لوصول المدد السريع من إخوانه المُسْلِمِين فى جنوب الجزيرة، بَيْدَ أن النصارى شددوا الضعط على سَرْقُسْطَة يومًا بعد يوم، وخشى المُسْلِمُون سقوط المعقل المنيع، بعد أن أصبحت قواتهم وأحوالهم فى حالة يرثى لها، فقد كانت حتمًا دون قوى النصارى، فتطلعوا إلى عون من الخارج، فاتجهت أبصارهم إلى قوة المرابطين المجاهدة فى المغرب الأقصى»¬( ).
وأصبح ألفونسو اللعين يضغط على ممالك المُسْلِمِين الكبرى المجاورة له أى مملكتى بطليوس وإشبيلية؛ فأرسل إلى المُتَوَكِّل بن الأفطس صاحب بطليوس يطلب منه أن يُسلِّم إليه القلاع والحصون المجاورة لحدوده مع تأدية الجزية، وضعُف مسلمو الأَنْدَلُس أمام هذه الضربات الماكرة، وأصبح سقوط الممالك قاب قوسين أو أدنى، وظل حُكَّام الممالك منغمسين بملذَّاتهم وفسادهم، يحاربون أنفسهم ويحالفون النصارى ضد إخوانهم، ويؤدُّون لهم الجزية مقابل تركهم على عروشهم التى تزعزعت أمام ضرباتهم، واستخدم ملوك الطوائف المرتزقة من النصارى لحماية أنفسهم بعد أن فقدوا الأمل فى شعوبهم ورعاياهم بسبب ظلمهم وجورهم وتعسُّفهم، وجعل الله بين أمراء الطوائف من التنافس والتدابر والتقاطع والتحاسد والغيرة ما لم يجعله بين الضرائر المترفات والعشائر المتغايرات, فلم تصل لهم فى الله يد، ولا نشأ على التعاضد عزم¬( )، لذلك انهارت الروح المعنوية للشعب الأَنْدَلُسى بعدما رأى من أمرائه التخاذل والخيانة, حتى كاد هذا الشعب الصابر يفقد القدرة على القتال بما كان يرهقه حُكَّامه من الضرائب للتنعم بالعيش الرغيد ودفع الجزية للنَّصَارَى، وأصبح بين حاكم مُبتزٍّ وعدوٍّ متربصٍ، فقد ارتقى عرش إسبانيا النصرانية ألفونسو السادس بن فرديناند الذى كان يرغب فى احتلال الجزيرة الإيبرية، وعادت حرب الاسترداد قوية على يده، وقد بدأ أعماله الحربية بمدينة طُلَيْطِلَة فحاصرها سبع سنوات حتى سقطت بيده فى 25 آيار 1085م مستهل صفر 478هـ, وقد أحدث سقوطها دويًا هائلاً فى العالم الإسلامى الغربي، وبات المُسْلِمُون فى حال من الضياع التام¬( ) لا يعرفون كيف يتصرفون, وبدأوا بمغادرة المناطق المتاخمة لألفونسو، وأصبحت مملكة طُلَيْطِلَة خالية من السكان الذين هجروها إلى بطليوس هربًا من الاضطهاد وحفاظًا على دينهم، ورأى ألفونسو أن زمام الأَنْدَلُس أصبح فى يده، فضاعف غاراته على جميع البلاد؛ وتساقطت المُدُن والقرى بين يدى اللعين الحقود وأرسل إلى المُتَوَكِّل بن الأفطس وصاحب بطليوس يطلب إليه تسليم بعض الحصون، والقلاع المتاخمة لحدوده مع تأدية الجزية، ويتوعده بشر العواقب إذا رفض، فردَّ المُتَوَكِّل بشجاعة ونبل معلنًا تحديه، وفى هذه الرسالة معانٍ عميقة وفهم دقيق للموقف الحرج الذى أصبح فيه المُسْلِمُون حيث قال المُتَوَكِّل: «..ولو علم – أى ألفونسو- أن لله جنودًا أعزَّ بهم كلمة الإسلام, وأظهر بهم دين نبينا مُحَمَّد × وأعزه على الكافرين.. وأما تعييرك للمُسْلِمِين فيما وهَى من أحوالهم فبالذنوب المركوبة، ولو اتفقت كلمتنا مع سائرنا من الأملاك أى مصاب أذقناك كما كان أبوك تتجرَعه... وبالأمس كانت قطيعة المنصور على سلفك أهدى ابنته إليه مع الذخائر التى كانت تفد كل عام عليه»( ).
وأرسل المُتَوَكِّل قاضيه العالم الفقيه أبا الوليد الباجى ليطوف على حواضر الأَنْدَلُس يدعو إلى لمِّ الشعث وتوحيد الكلمة، ومدافعة العدو، ولكن مهمة القاضى لم تُكلل بالنجاح لأن ضعف الأمراء، وانهيار مقومات الدولة، وتخاذل الشعب فرضت على الحُكَّام استرضاء العدو، عندئذٍ كتب المُتَوَكِّل إلى الأمير يوسف بن تاشفين¬( )، يصور له محنة الأَنْدَلُس ويستنصره¬( )، «لما كان نور الهدى -أيدك الله- دليلك, وسبيل الخير سبيلك، ووضحت فى الصلاح معالمك، ووقفت على الجهاد عزائمك، وصحَّ العلم بأنَّك لدعوة الإسلام أعزُّ ناصر، وعلى غزو الشرك أقدر قادر، وجب أن تستدعى لما عضل الداء، وتستغاث لما أحاط بالجزيرة من البلاء، فقد كانت طوائف العدو المطيف بأنحائها عند إفراط تسلُّطها واعتدائها وشدة كلفها واستشرائها تلاطف بالاحتيال، وتستنزل بالأموال، ويخرج لها عن كل ذخيرة، وتسترضى بكل خطيرة، ولم يزل دأبها التشكك والعناد، ودأبها الإذعان والانقياد حتى نفذ المطارف والتلاد، وأتى على الظاهر والباطن النفاد، وأيقنوا الآن بضعف المنن، وقويت أطماعهم فى افتتاح المدن، واضطرمت فى كلِّ جهة نارهم، ورويت من دماء المُسْلِمِين أسنتهم وشفارهم، ومن أخطئ القتل منهم فإنما هم بأيديهم أسارى وسبايا، يمتحنونهم بأنواع المحن والبلايا، وقد هموا بما أرادوه من التوثب، وأشرفوا على ما أملوه من التغلب، فيا الله ويا للمُسْلِمِين أيسطو هكذا بالحق الإفكُ، ويغلب التوحيدَ الشركُ، ويظهر على الإيمان الكفرُ، ولا يكشف هذه البلية النصرُ، ألا ناصر لهذا المهتضم؟ ألا حامى لما استبيح من الحرم؟، وإنا لله على ما لحق عرشه من ثل، وعزه من ذل، فإنها الرزيَّة التى ليس فيها عزاء، والبلية التى ليس مثلها بلاء، ومن قبل هذا ما كنت خاطبتك – أعزَّك الله – بالنازلة فى مدينة قورية أعادها الله وإنَّها مؤيدة للجزيرة بالخلاء، ومَن فيها من المُسْلِمِين بالجلاء، ثم ما زال التخاذل يتزايد، والتدابر يتساند حتى تخلَّصت القضية وتضاعفت البلية وتحصَّلت فى يد العدو مدينة سرية، وعليها قلعة تجاوزت حد القلاع فى الحصانة والامتناع.
وهى من المدينة كنقطة دائرية تدركها من جميع نواحيها، ويستوى فى الأرض بها قاصيها ودانيها، وما هو إلا نفس خافت وزمر داهق استولى عليها عدو مشترك وطاغية منافق، إن لم تبادروا بجماعتكم عجالاً, وتتداركها ركبانًا ورجالاً، وتنفروا نحوها خفافًا وثقالاً، وما أحضكم على الجهاد بما فى كتاب الله فإنَّكم له أتلى، ولا بما فى حديث رسول الله × فإنكم إلى معرفته أهدى، وكتابى إليكم هذا يحمله الشيخ الفقيه الواعظ يفصِّلها ويشرُحها، ومشتمل على نكتة وهو يبينها ويوضِّحها، فإنه لما توجه نحوك احتسابًا، وتكلف المشقة إليك طالبًا ثوابًا، عوَّلت على بيانه, ووثقت بفصاحة
لسانه, والسَّلام»( ).
ثانيًا: ألفونسو والمعتمد بن عباد:
لقد وقع المُعْتَمِد بن عَبَّاد فى أخطاء كثيرة؛ حيث تعاهد مع ألفونسو ضد إخوانه المُسْلِمِين فى طُلَيْطِلَة مقابل أن يسمح له ألفونسو بأخذ ممالك ممن حوله إلاَّ إن النصارى - كما علمت - لا عهود لهم ولا مواثيق، فأراد ألفونسو أن يجد مبررًا لضرب الحصار على إشبيلية, واحتلال قرطبة، فطلب من المُعْتَمِد حصونًا وقرى الموت أحبُّ إليه من تسليمها, ومارس ألفونسو مع المُعْتَمِد أنواعًا من الإذلال والتجنى لتخرج المُعْتَمِد عن طوره ويلغى الاتفاقية الهزيلة بين الطرفين ويجد ألفونسو والنصارى ما يبرِّر أفعاله الانتقامية والوحشية.
فطلب ألفونسو من المُعْتَمِد أن يسمح لزوجته القمطجية أن تلد فى جامع قرطبة بناءً على نصيحة الأساقفة، لأن الطرف الغربى كان موقع كنيسة قرطبة القديمة، وسأله أن تنزل بالزهراء مدينة الخليفة الناصر، لتكون ولادتها بين طيب نسيم الزهراء وفضيلة موضع الكنيسة المزعوم¬( )، وأرسل إليه بعثة من خمسمائة فارس برئاسة اليهودى ابن ساليب لأخذ الجزية، وتجرأ السفير وقلَّ أدبه إن كان له أدب، وخرج على العرف الدبلوماسي، وأغلظ فى القول للمُعْتَمِد وقال: «لا تعتقدونى بسيطًا لأقبل مثل هذه العملة المزيفة, لا آخذ إلا الذهب الصافي، السنة القادمة ستكون مدنًا»( ). فأخذت المُعْتَمِد النخوة الإسلاميَّة وصلب اليهودي، وقتل البعثة، وبذلك يكون ألفونسو قد تحصل على ما يريده، وكان ألفونسو متجهًا لحصار قرطبة فلمَّا وصل خبر البعثة أقسم بآلهته ليغزون المُعْتَمِد فى إشبيلية، وحرَّك جيوشه نحو غرب الأَنْدَلُس فدمَّر كل القرى والتخوم التى فى طريقه نحو إشبيلية, وخرج فى جيش من طريق آخر يدمِّر ويخرِّب ويقتل ويحرق ويسفك ويسبي، حتى وصل إلى جزيرة طريف أقصى جنوب الأَنْدَلُس على المضيق، وأدخل قوائم فرسه فى البحر قائلاً: «هذا آخر بلاد الأَنْدَلُس قد وطئته»( ).
ومِن هنا أرسل إلى الأمير يوسف بن تاشفين: «أمَّا بعد.. فلا خفاء على ذى عينين أنَّك أمير المُسْلِمِين بل الملة الإسلاميَّة، كما أنا أمير الملة النصرانية، ولم يخف عليك ما عليه رؤساؤكم بالأَنْدَلُس من التخاذل والتواكل، والإهمال للرعية والإخلاد إلى الراحة، وأنا أسومهم الخسف، فأخرب الدِّيار وأهتك الأستار، وأقتل الشبَّان وآسر الولدان، ولا عذر لك فى التخلف عن نصرتهم إن أمكنك معرفة هذا، وأنتم تعتقدون أن الله - تعالى - فرض على واحد منكم عشرة منا، وأن قتلاكم فى الجنة وقتلانا فى النار، ونحن نعتقد أن الله أظفرنا بكم وأعاننا عليكم، ولا تقدرون دفاعًا ولا تستطيعون امتناعًا، وبلغنا عنك وأنَّك فى الاحتفال عن نية الاستقبال فلا يدرى أكان الجبن بك أم التكذيب بما أنزل عليك، فإن كنت لا تستطيع الجواز فابعث إليَّ ما عندك من المراكب نجوز إليك، أناظرك فى أحب البقاع إليك؛ فإن غلبتنى فتلك نعمة جلبت إليك، ونعمة شملت بين يديك، وإن غلبتك كانت لى اليد العليا عليك, واستكملت الإمارة, والله يتم الإرادة»( ).
فكان ردُّ يوسف بن تاشفين – رحمه الله – على ظهر الكتاب ذاته: «ما ترى لا ما تسمع إن شاء الله -تعالى- » وأردف:
ولا كتب إلا المشرفية والقنا
ولا رسل إلا الخميس العرمرم¬( )

وعاد ألفونسو المغرور المتكبر إلى إشبيلية حيث التقى بجيشه الآخر أمام قصر المُعْتَمِد بن عَبَّاد بضفة النهر، وحاصر المدينة ثلاثة أيام، وكتب إلى المُعْتَمِد يسأله أن يرسل إليه مروحة لطرد الذباب، ولم يتحمل المُعْتَمِد هذه الإهانة فردَّ: «قرأت كتابك وفهمت خيلاءك وإعجابك, وسأنظر إليك فى مراوح من الجلود اللمطية تروح منك ولا تروح عليك»( ).
ترك ألفونسو إشبيلية وسار نحو سَرْقُسْطَة وحاصرها، كانت شبه ضائعة تنتظر مصيرها المؤلم, وصاحبها ابن هود لا يستطيع الدفاع كثيرًا، ثم أخذ بلنسية, وأعطاها القادر بن ذى النون صاحب طُلَيْطِلَة السابق، وهاجم مملكة المرية, ووصل القشتاليون إلى نابار قرب غرناطة, كان الخطر على الأَنْدَلُس شديدًا، وقلة الشجاعة وانهيار الروح المعنوية تثبط العزائم، إذ أن ثمانين قشتاليًا هزموا أربعمائة من المرية¬( ).
ثالثًا: اجتماع علماء قرطبة:
أمام هذا الضياع المفزع الذى وصلت إليه ممالك الأَنْدَلُس؛ اجتمع علماء وفقهاء وزعماء قرطبة للتشاور فيما يجب عمله لإنقاذ مدينتهم، ووصل رأيهم بعد تبادل الآراء والأفكار إلى استدعاء المرابطين.
ورأى المُعْتَمِد أن هذا الرأى فيه صواب ونفاذ بصيرة؛ فجدَّ فى تقوية جيشه ورمم الحصون والقلاع، وقرَّر أن يطلب النجدة من إخوانه المُسْلِمِين، وتشاور فى الأمر مع ابنه الرشيد وزعماء إشبيلية الذين أشاروا عليه بمهادنة ألفونسو والخضوع لشروطه، ولكن هذا الرأى لم يجد هوى فى نفس المُعْتَمِد الذى خلا بابنه الرشيد وكان ولى عهده وقال له: «أنا فى هذه الأَنْدَلُس غريب بين بحر مظلم وعدو مجرم، وليس لنا ولى ولا ناصر إلا الله، وإن إخواننا وجيراننا ملوك الأَنْدَلُس ليس فيهم نفع، ولا يُرجَى منهم نصرة، ولا حيلة إن نزل بنا مصاب أو نالنا عدو ثقيل وهو اللعين أذفونش فقد أخذ طُلَيْطِلَة وعادت دار كفر وها هو قد رفع رأسه إلينا.
وإن نزل علينا طُلَيْطِلَة ما يرفع عنا حتى يأخذ إشبيلية، ونرى من الرأى أن نبعث إلى هذه الصحراء وملك العدوة نستدعيه للجواز إلينا ليدافع عنا الكلب اللعين إذ لا قدرة لنا على ذلك بأنفسنا، فقد تلف لجاؤنا وتدبرت بل تبردت أجنادنا, وبغضتنا العامة والخاصَّة¬( ). فأجابه الرشيد: يا أبت أتدخل علينا فى أَنْدَلُسنا مَن يسلبنا ملكنا ويبدد شملنا؟ فقال: أى بنى والله لا يسمع عنى أبدًا أنى أعدت الأَنْدَلُس دار كفر ولا تركتها للنصارى فتقوم عليَّ اللعنة من على منابر المُسْلِمِين مثل ما قامت على غيري، والله خُرز الجمال عندى خير من خُرز الخنازير»( ).
ولما انتشر رأى المُعْتَمِد بن عَبَّاد فى الأَنْدَلُس حذره ملوك الطوائف من ذلك وقالوا له: «الملك عقيم والسيفان لا يجتمعان فى غمد واحد»، وعارض بشدة طلب العون من المرابطين عبد الله بن سكوت والى مالقة الذى كان يرى أن المرابطين أشد خطرًا من النصارى، ويجب الاعتماد على القوة الذاتية للأَنْدَلُسيين¬( )، فأجابهم المُعْتَمِد: «رعى الجمال خير من رعى الخنازير»( ) وأضاف: إن دهينا من مداخلة الأضداد لنا فأهون الشرَّين أمر الملثمين»( ).
وقال للذين لاموه على هذا الرأي: يا قوم إنَّى فى أمرى على حالين: حالة يقين وحالة شك، ولابد لى من أحدهما، أمَّا حالة الشك فإنِّى إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى الأذفونش ففى الممكن أن يفيا لى ويبقيا عليَّ، ويمكن أن لا يفعلا فهذه حالة شك.
وأمَّا حالة اليقين فإنِّى إن استندت إلى ابن تاشفين فإنى أرضى الله، وإن استندت إلى الأذفونش أسخطت الله تعالى، فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأى شيء أدع ما يرضى الله وآتى ما يسخطه؟ حينئذٍ قصر أصحابه عن لومه( ).
ولما عزَم على طلب النصرة من المرابطين؛ اتصل المُعْتَمِد بالمُتَوَكِّل بن الأفطس صاحب بطليوس، وعبد الله بن بلقين الصنهاجى صاحب غرناطة، وطلب منهما أن يرسل كل منهما قاضى مدينته حتى يكونوا وفدًا إلى المرابطين لمقابلة الأمير يوسف بن تاشفين، وتشكَّلت البعثة من قاضى قرطبة ابن أدهم، وقاضى بطليوس ابن مقانا, وقاضى غرناطة ابن القليعي, ومعهم وزير المُعْتَمِد أبو بكر بن زيدون, وأسند المُعْتَمِد إلى القضاة وعظ الأمير يوسف وترغيبه فى الجهاد، وأسند إلى وزيره إبرام العقود، وحملت البعثة معها رسالة مكتوبة من المُعْتَمِد إلى الأمير يوسف مؤرخة 479هـ, وهذا نصُّها: «بسم الله الرحمن الرحيم, وصلِّى الله على سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.. إلى حضرة الإمام أمير المسلمين وناصر الدِّين ومحيى دعوة الخليفة، الإمام أبى يعقوب يوسف بن تاشفين، القائم بعظيم أكبارها، الشَّاكر لأجلالها المعظِّم لما عظم الله من كريم مقدارها، اللائذ بحرامها, المنقطع إلى سمُّو مجدها, المستجير بالله وبطولها مُحَمَّد عباد سلام كريم يخص الحضرة المعظمة السامية ورحمة الله تعالى وبركاته.
كتب المنقطع إلى كريم سلطانها من إشبيلية فى غرة جمادى الأولى 479هـ/ 1086م وإنَّه أيَّد الله أمير المُسْلِمِين ونصر به الدِّين، فإنَّا - نحن العرب - فى هذه الأَنْدَلُس قد تلفت قبائلنا، وتفرَّق جمعنا، وتغيَّرت أنسابنا بقطع المادة عنا من ضيعتنا؛ فصرنا شعوبًا لا قبائل, وأشتاتًا لا قرابة ولا عشائر، فقلَّ نصرنا، وكثر شُمَّاتُنا، وتولَّى علينا هذا العدو المجرم اللعين ألفونسو وأناخ علينا بطُلَيْطِلَة ووطئها بقدمه، وأسر المُسْلِمِين، وأخذ البلاد والقلاع والحصون، ونحن أهل هذه الأَنْدَلُس ليس لأحد منا طاقة على نصرة جاره ولا أخيه، ولو شاءوا لفعلوا إلا أن الهواء والماء منعهم من ذلك، وقد ساءت الأحوال، وانقطعت الآمال، وأنت أيدك الله سيد حمير، ومليكها الأكبر، وأميرها وزعيمها، نزعت بهمتى إليك واستنصرت بالله ثم بك، واستغثت بحرمكم لتجوز بجهاد هذا العدو الكافر وتحيون شريعة الإسلام وتدينون على دين مُحَمَّد ×، ولكم عند الله الثواب الكريم على حضرتكم السامية السلام ورحمة الله وبركاته ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلى العظيم»( ).
وأرسلت وفود شعبية من الشيوخ والعلماء رسائل تحثُ الأمير على إنقاذ الأَنْدَلُس.
وتأثر المرابطون لمُصاب إخوانهم فى الدِّين، وعرض أميرهم قضية مسلمى الأَنْدَلُس على أهل الحلِّ والعَقْد عنده، وأجمعوا على نصرة دينهم وإعزاز كلمة التوحيد، وكان وزير يوسف ومستشاره أَنْدَلُسى الأصل اسمه عبد الرحمن بن أسبط أو أسباط، فنصحه المستشار بأن يطلب من المُعْتَمِد بن عَبَّاد الجزيرة الخضراء لكى تكون آمنة لعبور الجيش، ولحماية خطوط التموين، وقال له: إن الأمر لله تعالى ولكم، وواجب على كل مسلم إغاثة أخيه المسلم والانتصار له، واقتنع الأمير يوسف برأى وزيره فى طلب الجزيرة الخضراء ليجعل فيها أثقال جيشه وأجناده ويكون الجواز بيده متى شاء، وقال الأمير يوسف لعبد الرحمن: صدقت يا عبد الرحمن, لقد نبهتنى على شيء لم يخطر ببالي, اكتب إليه بذلك.
وكتب ابن أسبط إلى المُعْتَمِد بن عَبَّاد الكتاب التالى نصُّه: «بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا مُحَمَّد وآله وصحبه وسلِّم.
من أمير المُسْلِمِين وناصر الدِّين معين دعوة أمير المؤمنين، إلى الأمير أكرم المؤيد بنصرة الله تعالى المُعْتَمِد على الله أبى القاسم مُحَمَّد بن عَبَّاد أدام الله كرامته بتقواه، ووفقه لما يرضاه، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإنه وصل خطابك الكريم، فوقفنا على ما تضمنه من استدعائنا لنصرتك، وما ذكرته من كربتك، وما كان من قلة حماية جيرانك، فنحن يمين لشمالك ومبادرون لنصرتك وحمايتك، وواجب علينا فى الشَّرع, وفى كتاب الله تعالى، وإنَّه لا يمكننا الجواز إلا أن تُسلِّم لنا الجزيرة الخضراء؛ تكون لنا لكى يكون جوازنا إليك على أيدينا متى شئنا، فإن رأيت ذلك فاشهد على نفسك بذلك, وابعث إلينا بعقودها ونحن فى أثر خطابك إن شاء الله تعالى».
اطلع المُعْتَمِد ابنه الرشيد على خطاب الأمير يوسف فقال له: يا أبت ألا تنظر إلى ما طلب؟ فقال له المُعْتَمِد: يا بنى هذا قليل فى حق نصرة المُسْلِمِين، ثم جمع المُعْتَمِد القاضى والفقهاء، وكتب عقد هبة الجزيرة الخضراء للأمير يوسف، وتسليمها له بحضورهم، وكان يحكمها يزيد الراضى بن المُعْتَمِد، فبعث إليه أمره بإخلائها وتسليمها للمرابطين لتكون رهناً بتصرف الأمير يوسف¬( ). وبعد موافقة المُعْتَمِد تجهَّز يوسف لتلبية نداء إخوانه فى العقيدة راغبًا فى الأجر والمثوبة من الله بتأدية فريضة الجهاد، وكتب أمانًا لأهل الأَنْدَلُس ألا يتعرض لأحد منهم فى بلده وقال: «أنا أول مُنتَدَبٍ لنصرة هذا الدِّين, لا يتولى الأمر أحد إلا أنا بنفسي» وأعلن النفير العام فى قوات المرابطين، فأقبلت من مراكش, ومن الصحراء وبلاد الزاب, ومن مختلف نواحى المغرب يتوافدون على قيادتهم الربَّانية، وجهزت السفن لتحمل هذه القوات، وكان أول من نفَّذ أمر العبور قائد المرابطين النابغ داود ابن عائشة, وتمركز فى الجزيرة الخضراء، وتتابعت كتائب المرابطين، وكانت معهم الجمال الكثيرة، وقد أثار وجودها دهشة الأَنْدَلُسيين، لأنَّهم لم يكونوا يعرفونها من قبل، وقد أثَّر وجودها على الخيل فأخذت تجمح لدى رؤيتها.
ولما تكامل الجيش المرابطى بساحل الجزيرة الخضراء, ركب الأمير يوسف ومعه قادة من خيرة قادة المرابطين وصلحائهم، ولمَّا ركب واستوى على السفينة رفع يديه نحو السماء مناجيًا: «اللهم إن كنت تعلم أن جوازنا هذا إصلاح للمُسْلِمِين فسهِّل علينا هذا البحر حتى نعبره، وإن كان غير ذلك فصعبه حتى لا نجوزه»( ). وسهل الله عبورهم، وكان ذلك يوم الخميس بعد الزوال منتصف ربيع الأول 479هـ حزيران 1086م، وصلى الأمير يوسف بالجزيرة الخضراء صلاة الظهر، وقام أهل الجزيرة بضيافة المرابطين، وظهر فرحهم وسرورهم على وجوههم، وبدأ الأمير يوسف فى تحصين الجزيرة الخضراء، ورمَّم أسوارها وما تصدَّع من أبراجها، وشحنها بالأسلحة والأطعمة وكلف مجموعة من جنوده بحراستها ثم ساروا نحو إشبيلية¬( ).
سارع المُعْتَمِد مع قادة قومه وشيوخ مدينته وفقهاء بلاده لاستقبال أمير المرابطين، ولما التقى بيوسف تعانقا طويلاً بمودة وحب وإخلاص وأخوة فى الدِّين، وتذاكرا نعم الله عليهما، وتواصيا بالصبر والجهاد فى سبيل نصرة دين المُسْلِمِين، وكان المُعْتَمِد مُحمَّلاً بالهدايا، وأصدر أوامره لعمال البلاد بجلب الأرزاق لضيافة الجيش المرابطي، وكان المُعْتَمِد كريمًا وجوادًا باذلاً للخير.
واستعرض المُعْتَمِد الجيش المرابطى فرأى «عسكرًا نقيًا ومنظرًا بهيًا»( ).
وواصل الأمير يوسف سيره نحو إشبيلية حيث كان يستقبل بالترحاب مع جيشه المرابطى على امتداد الطريق حتى وصل حاضرة المُعْتَمِد، فأقام بها ثلاثة أيام للاستراحة, ثم قال للمُعْتَمِد: «إنما جئت ناويًا جهاد العدو حيثما كان توجهت»( ).
وأثناء مقام الأمير يوسف فى إشبيلية بعث الأمير يوسف إلى ملوك الأَنْدَلُس يستنفرهم للجهاد¬( )، فكان أول من لبى الدعوة عبد الله بن بلقين الصنهاجى صاحب غرناطة الذى خرج إليه بأمواله ورجاله، وأخوه تميم صاحب مالقة، وأرسل ابن صمادح ابنه معز الدولة فى فرقة من جيشه, وسار الأمير الربَّانى والقائد الميدانى نحو بطليوس، فاستقبلهم صاحبها المُتَوَكِّل بن الأفطس على ثلاث مراحل من المدينة¬( ), وقدَّم لهم الهدايا والضيافة وعلف الدواب وظهر منه جود وكرم، وأقام الأمير أيامًا عدة حتى يصل باقى المتطوعين إلا أن أكثرهم لم يصل لانشغالهم بمدافعة النصارى، فتابع سيره الجهادى حتى حطَّ رحاله عند سهل الزِّلاقَة¬( ), وكان يبعد عن بطليوس ثمانية أميال.
ونظَّم يوسف بن تاشفين جيشه، فجعل الأَنْدَلُسيين جيشًا, مستقلاً بذاته وأسند قيادته إلى المُعْتَمِد بن عَبَّاد الذى تولى المقدمة، وأسندت الميمنة إلى المُتَوَكِّل بن الأفطس، وجعل أهل شرق الأَنْدَلُس على الميسرة، وباقى أهل الأَنْدَلُس فى الساقة.
أمَّا الجيش المرابطى فتولى داود ابن عائشة قيادة فرسانه، وأما سير بن أبى بكر فتولى قيادة الحشم، وبقية المرابطين مع حرس الأمير يوسف بن تاشفين إلى جانب قيادته الجيش الإسلامي، وعسكر المرابطون خلف الأَنْدَلُسيين تفصل بينهم ربوة بقصد التمويه، وكان تعداد جيش المرابطين والأَنْدَلُسيين أكثر من 24 ألف جندي¬( ) وتضاربت الروايات فى ذلك.
وكان ألفونسو مشغولاً بمحاصرة سَرْقُسْطَة, ولما وصله الخبر السعيد ارتبك وجزع، وطلب من المستعين بن هود حاكم سَرْقُسْطَة أن يدفع له مالاً مقابل فك الحصار، فامتنع ابن هود لما عَلِمَه من وصول المرابطين وقرَّر ألا يساعد ألفونسو بأى مال يستعين به على قتال المُسْلِمِين.
واضطرَّ ألفونسو لرفع الحصار، ورجع مسرعًا إلى طُلَيْطِلَة، وأعلن الاستنفار العام، وحل نزاعه وخلافه مع بعض أمراء النصارى، وأرسل إلى مَن وراء جبال ألبرتات فأتته أفواج عديدة من النصارى متطاوعة من أجل الحرب المُقدَّسة، وجند الفونسو كل مَن يستطيع حمل السلاح صغيرًا أو كبيرًا، ونظَّم جيشه وقسمه إلى قسمين كبيرين: أسند قيادة الجيش الأول إلى ابن عمه الكونت غرسيا ورودريك، وما لبث غرسيا أن انسحب قبل بدء المعركة أثر خلاف مع ألفونسو الذى أبقى رودريك فى القيادة، واحتفظ بقيادة الجيش الثانى وعيَّن على جناحيه سانتشور أميرز والكونت برنجار ريموند, وتولَّى هو القلب¬( ), «وكان جيش ألفونسو يعتمد على الفرسان كمجموعة, وكان الفارس يلبس الزرد والدروع التى تغطيه من الرأس إلى القدم كأنَّه حصن من الحديد يتحرك لتزداد شجاعته وجرأته».
ولما استعرض جيشه نفخ فيه الشيطان غروره وكبرياءه، وقال قولة تدل على تجذر كفره وعتوه وفساد معتقده حيث قال: «بهذا الجيش ألقى مُحَمَّدا وآل مُحَمَّد والأنس والجن والملائكة»( ).
«وكانت جموع الرهبان والقسيسين أمام جيش ألفونسو الملعون يرفعون الإنجيل والصلبان لإذكاء الحماس الدِّينى فى نفوس الجنود الذين بلغ عددهم أكثر من ستين ألفًا»( ).
وخرج ألفونسو بجيشه نحو بطليوس، وكتب إلى المُعْتَمِد بن عَبَّاد كتابًا جاء فيه: «إن صاحبكم يوسف قد تعنَّى من بلاده وخاض البحار، وأنا أكفيه العناء فيما بقى, ولا أكلفكم تعبًا، وأمضى إليكم وألقاكم فى بلادكم رفقًا بكم وتوفيرًا عليكم»( ).
وقصد ألفونسو بذلك أن تكون المعركة خارج بلاده فإذا انهزم ولحقوا به يكون مسيرهم فى أرضهم ولابد من الاستعداد لاكتساح بلاده، وبذلك تنجو من التدمير، وإذا انتصر حدث ذلك فى أرض أعدائه.
وصل ألفونسو إلى بطحاء الزِّلاقَة وخيم على بعد ثلاثة أميال من الجيش المسلم يفصل بينهما نهر بطليوس يشرب منه المتحاربون¬( ).
لقد انزعج ألفونسو من مجيء المرابطين انزعاجًا كبيرًا, حيث شعر بعودة الروح المعنوية إلى أهالى الأَنْدَلُس الذين كان يسومهم سوء العذاب، يُقتِّل رجالهم ويسبى نساءهم، ويأخذ منهم الجزية، ويحتقرهم ويزدريهم، ويتلاعب بمصيرهم, وينتظر الفرصة لاستئصالهم من الأَنْدَلُس، لتعم النصرانية فى سائر البلاد، ويرتفع الصليب على أعناق العباد، وإذا بالمرابطين يربكون مخططاته ويبددون أحلامه.
لذلك أراد ألفونسو أن يوجِّه ضربة قاصمة لمن كان السبب فى استدعاء المرابطين وخصوصًا للفارس المغوار المُعْتَمِد بن عَبَّاد وقرينه المُتَوَكِّل بن الأفطس، وكان يرى أن نصره يعتمد على تكبيل القوة الدَّاخلِيَّة فى الأَنْدَلُس بالهزائم المتتالية والمتلاحقة.
أما المرابطون بعد ذلك سيرجعون إلى وطنهم الأصلى المغرب، وبالقضاء على الأَنْدَلُس يسهل القضاء على المرابطين بسبب جهلهم بالطبيعة الجغرافية للبلاد.
ومما ساعد ألفونسو على أن يعيش فى تلك الأحلام فتور معظم أهل الأَنْدَلُس بسبب ترفهم ونعيمهم وجبنهم وحبهم للحياة وهروبهم من الشهادة، كما أن أسباب الهزيمة نخرت فى ذلك المجتمع المتهالك.
أما المُعْتَمِد بن عَبَّاد صاحب إشبيلية والمُتَوَكِّل بن الأفطس صاحب بطليوس فقد قررا امتشاق الحسام، فمَن ظفر عاش سعيدًا ومَن مات كان شهيدًا¬( ).
وأما المرابطون الذين تربوا على تعاليم الإسلام وأصول أهل السنة والجَماعَة ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بعد تربية عميقة، وتكوين فريد وإيمان راسخ ساهم علماء وفقهاء المالكية فى ذلك، وعلى رأسهم الفقيد الشهيد ابن ياسين, فقد مروا بمراحل صقلتهم وحروب زكتهم، وأصبحوا متشوِّقين إلى الاستشهاد معتمدين على رب العباد, آخذين بأسباب النصر المعنوية والمادية.
وكان رأى المرابطين إن المعركة فى الأَنْدَلُس مصيرية للأمة الإسلاميَّة وبذلك لا يمكن الاعتماد على شعب مهزوم وقع فى أسر المعاصى والذنوب.
وكما أن انتصارهم فى الأَنْدَلُس يرعب أعداءهم وخصومهم فى المغرب ويتم بنصرهم إنقاذ الإسلام والحضارة فى ذلك البلد البعيد عن العالم الإسلامي.
كان ألفونسو يقود حربًا صليبية شرسة ضد المُسْلِمِين، ودعمته الكنيسة فى روما بالجنود والعتاد والأموال، ورغبت بلدان الإفرنجة بالوقوف مع ألفونسو فى حربه المقدسة ضد المُسْلِمِين.
إن الجانب المادى عند النصارى كان أعلى بكثير مما عند المرابطين، ولكنَّ الجانب المعنوى عند المرابطين لا حدود له.
وأرسل يوسف بن تاشفين إلى ألفونسو كتابًا يعرض عليه الدخول فى الإسلام أو دفع الجزية أو الحرب، ومما جاء فى كتاب الأمير: «بلغنا يا أذفونش أنَّك نحوت الاجتماع بنا, وتمنيَّت أن تكون لك فُلْكٌ تعبر البحر عليها إلينا، فقد جزناه إليك، وجمع الله فى هذه العرصة بيننا وبينك، وترى عاقبة ادعائك (وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال)» ¬( ).
ولما قرأ ألفونسو الكتاب زاد غضبه وذهب بعقله وقال: «أبمثل هذه المخاطبة يخاطبنى وأنا وأبى نغرم الجزية لأهل ملته منذ ثمانين سنة؟» ¬( ) وقال لرسول الأمير يوسف: «قُل للأمير لا تتعب نفسك أنا أصل إليك»( )، وإنَّنا سنلتقى فى ساحة المعركة ¬( )، ومعنى ذلك أن ألفونسو اختار الحرب، وحاول ألفونسو حامى حمى النصرانية فى إسبانيا أن يخدع المُسْلِمِين ويمكر بهم، فكتب إلى الأمير يوسف فى تحديد يوم المعركة فكتب إليه: «إن بعد غد الجمعة لا نحب مقابلتكم فيه لأنَّه عيدكم، وبعده السبت يوم عيد اليهود، وهم كثير فى محلتنا، وبعده الأحد عيدنا، فنحترم هذه الأعياد، ويكون اللقاء يوم الاثنين» فكان جواب الأمير يوسف: «اتركوا اللعين وما أحب»( ) فاعترض المُعْتَمِد وقال للأمير يوسف: «إنها حيلة منه وخديعة إنَّما يريد غدرنا فلا تطمئن إليه، وقصده الفتك بنا يوم الجمعة فليكن الناس على استعداد له يوم الجمعة كل النَّهار»( ).
واستعد المُسْلِمُون لرصد تحركات النصارى وكان حدس المُعْتَمِد صائبًا صحيحًا, ورصدوا تحرك العدو نحوهم.
وانقض الجيش الذى يقوده رودريك بمنتهى العنف على معسكر المُسْلِمِين من الأَنْدَلُسيين فتصدَّى فرسان المرابطين الذين يقودهم داود ابن عائشة الذين أرسلهم يوسف ابن تاشفين على عجل لدعم الأَنْدَلُسيين، وصمد المرابطون أمام هجوم النصارى، واضطر النصارى إلى الارتداد إلى خط دفاعهم الثانى وظهرت من داود ابن عائشة وجنوده كفاءة قتالية لم يعرف لها مثيل، واختار الله من المرابطين شهداء، واحتدم الصراع، وزحف ألفونسو ببقية جيشه، وأقرن زحفه بصياح هائل أفزع قلوب الأَنْدَلُسيين قبل خوضهم المعركة، ولاذوا بالفرار ووجدوا أنفسهم أمام أسوار بطليوس للاحتماء بها، ولم يصمد منهم إلا فارس الأَنْدَلُسيين وقومه «المُعْتَمِد بن عَبَّاد وأهل إشبيلية» وأبلى بلاءً عظيمًا وعقرت تحته ثلاثة أفراس، وأصيب بجروح بليغة، واستمرت المعركة الرهيبة، وصمد المُعْتَمِد مع داود ابن عائشة حتى فلت السيوف، وتكسرت الرماح, وصبر المُسْلِمُون فى المعركة صبرًا عظيمًا سجل فى صفحات المجد والعزة والكرامة فى تاريخنا المجيد.
وبدأت قوة المُسْلِمِين تضعف وتتقهقر أمام ضربات النصارى الحاقدة، وأيقن ألفونسو ببلوغ النصر مُعتَقِدًا إن هذه هى قوة المُسْلِمِين المقاتلة التى ظهر الإعياء عليها، وأخذت موقف المدافعة، ولم يستغرق ألفونسو طويلاً فى أحلامه حتى وثب جيش من المرابطين إلى ميدان المعركة أرسله الأمير يوسف بقيادة سير بن أبى بكر على رأس الحشم لمساندة القوات الإسلاميَّة، فتقوَّت بذلك معنوياتهم فى معركة مالت إلى هزيمتهم، وزحف الأمير يوسف بحرسه المرابطي، وقام بعملية التفاف سريعة باغت فيها معسكر العدو من الخلف، ووصل إلى خيامه وأحرقها وأباد حراسها، ولم ينج منهم إلا القليل، وكانت طبول المرابطين تدق بعنف فترتج منها الأرض، ورغاء الجمال يتصاعد إلى السماء فبث الذعر فى نفوس الأعداء وهلعت قلوبهم¬( ). وذهل ألفونسو عندما رأى بعض حرس معسكره فارِّين، وأتته الأخبار من داخل المعسكر باستيلاء المرابطين عليه، وأنَّه خسر حوالى عشرة آلاف قتيل¬( ), ووجد ألفونسو نفسه محاصرًا من المُسْلِمِين فاضطر للقتال متقهقرًا نحو معسكره المحروق، ولكن يوسف لم يترك له الفرصة لالتقاط الأنفاس، فانقضَّ عليه كالسيل، وقاتل ألفونسو عند ذلك قتال المستميت، وكان الأمير يوسف يبث الحماس فى نفوس المُسْلِمِين قائلاً: «يا معشر المُسْلِمِين اصبروا لجهاد أعداء الله الكافرين, ومن رُزِق منكم الشهادة فله الجنة ومن سلم فقد فاز بالأجر العظيم والغنيمة»، وكان رحمه الله يقاتل فى مقدمة الصفوف وهو ابن التاسعة والسبعين، وكأن العناية الإلهية كانت تحميه( )، وكان فقهاء المُسْلِمِين وصالحوهم يعظون الجنود ويشجعونهم على مصابرة أعداء الدِّين، وفى هذا الجو الرهيب من القتال الذى دام بضع ساعات وسقط فيه آلاف القتلى، وغمر الدم ساحة المعركة عندما دفع الأمير حرسه الخاص من السودان إلى القتال، فترجل منهم أربعة آلاف كانوا مسلحين بدروق اللمط وسيوف الهند
ونزاريق الزان¬( ).
اندفعوا إلى المعركة اندفاع الأسود فحطموا مقاومة النصرانية، وتكسَّرت شوكتهم, وانقض أسد من أسود المُسْلِمِين على ألفونسو وطعنه فى فخذه، ولاذ النصارى بالفرار، وتمنى ألفونسو الموت على العيش, ولجأ مع خمسمائة فارس من فرسانه إلى تل قريب ينتظر الظلام لينجو من سيوف المرابطين¬( ).
ومنع يوسف جنوده من اللحاق بهم، وكانت مناسبة لألفونسو الذى تابع سيره مع الظلام إلى طُلَيْطِلَة، وصل إليها مغمومًا حزينًا كسيرًا جريحًا بعد أن فقد خيرة رجاله وجنوده وقادة جيشه.
وفقد ألفونسو فى الزِّلاقَة القسم الأعظم من جيشه، وأمر يوسف بضم رءوس القتلى من النصارى، فعمل المُسْلِمُون منها مآذن يؤذنون عليها, واستشهد فى تلك المعركة الخالدة جماعة من العلماء والفقهاء، قلما يجود الزمان بمثلهم منهم قاضى مراكش عبد الملك المصمودي، والفقيه الناسك أبو العبَّاس بن رميلة القرطبي¬( ). وجمع المُسْلِمُون الأسلاب والغنائم التى تركها النصارى وراءهم فى ساحة المعركة، وآثر الأمير يوسف بها ملوك الأَنْدَلُس، وقد عرَّفهم أن هدفه الجهاد فى سبيل الله ونصرة الإسلام¬( ).
وأرسل الأمير يوسف إلى المغرب أخبار النصر المبين وهذا نص خطابه: «أمَّا بعد حمدًا لله المتكفِّل بنصر أهل دينه الذى ارتضاه، والصلاة والسلام على سيدنا مُحَمَّد أفضل وأكرم خلقه، فإن العدو الطاغية لما قربنا من حماه وتوافقنا بإزائه بلغناه الدعوة، وخيرناه بين الإسلام والجزية والحرب، فاختار الحرب، فوقع الاتفاق بيننا وبينه على الملاقاة يوم الاثنين 15 رجب وقال: الجمعة عيد المُسْلِمِين, والسبت عيد اليهود, وفى عسكرنا منهم خلق كثير، والأحد عيدنا نحن، فافترقنا على ذلك، وأضمر اللعين خلاف ما شرطناه وعلمناه أنهم أهل خدع ونقض عهود فأخذنا أهبة الحرب لهم، وجعلنا عليهم العيون ليرفعوا إلينا أحوالهم، فأتتنا الأنباء فى سحر يوم الجمعة 12 رجب أن العدو قد قصد بجيوشه نحو المُسْلِمِين، يرى أنه قد اغتنم فرصته فى ذلك الحين، فنبذت إليه أبطال المُسْلِمِين، وفرسان المجاهدين فتغشته قبل أن يتغشاها، وتعدَّته قبل أن يتعداها، وانقضت جيوش المُسْلِمِين على جيوشهم كانقضاض العقاب على عقيرته، ووثبت عليهم وثوب الأسد على فريسته، وقصدنا برايته السعيدة المنصورة فى سائر المشاهد مشتهرة ونظروا إلى جيوش لمتونة نحو ألفونسو – فلمَّا أبصر النصارى راياتنا المشتهرة المنتشرة، ونظروا إلى مراكبنا المنتظمة المظفرة، وأغشتهم بروق الصفاح, وأظلَّتهم سحائب الرماح, ونزلت بحوافر خيولهم رعود الطبول بذلك الفياح، فالتحم النصارى بطاغيتهم ألفونسو، وحملوا على المُسْلِمِين حملة منكرة؛ فتلقَّاهم المرابطون بنيَّات خالصة وهمم عالية، فعصفت ريح الحرب وركبت دائم السيوف والرماح، بالطعن والضرب، وطاحت المهج وأقلبت سيل الدماء فى هرج, ونزل من سماء الله على أوليائه النصر العزيز والفرج.
وولَّى ألفونسو مطعونًا فى إحدى ركبتيه طعنة أفقدته إحدى ساقيه فى 500 فارس من ثمانين ألف فارس ومائتى ألف راجل قادهم الله على المصارع والحتف العاجل، وتخلَّص إلى جبل هنالك, ونظر النهب والنيران فى محلته من كل جانب وهو من أعلى الجبل ينظرها شذرًا، ويحيد عنها صبرًا، ولا يستطيع عنها دفعًا ولا لها نصرًا، فأخذ يدعو بالثبور والويل، ويرجو النجاة فى ظلام الليل، وأمير المُسْلِمِين يحمد الله؛ قد ثبتت فى وسط المعركة مراكبه المظفرة، تحت ظلال بنوده المنتشرة منصورًا لجهاد مرفوع الأعداء، ويشكر الله تعالى على ما منحه من نيل السؤال والمراد، فقد سرح الغارات فى محلاتهم تهدم بناءها، وتصطلم ذخائرها وأسبابها، وتريه رأى العين دمارها ونهبها، وألفونسو ينظر إليها نظر المغشى عليه، ويعض غيظًا وأسفًا على أنامل كفيه، فتتابعت البهرجة الفرار، رؤساء الأَنْدَلُس المهزومين نحو بطليوس والفار، فتراجعوا حذرًا من العار، ولم يثبت منهم غير زعيم الرؤساء والقوَّاد، أبو القاسم المُعْتَمِد بن عَبَّاد، فأتى أمير المُسْلِمِين وهو مهيض الجناح، مريض عنه وجراح، فهنأه بالفتح الجليل، وتسلَّلَ ألفنش تحت الظلام فارًا لا يهدى ولا ينام ومات من الخمسمائة فارس الذين كانوا معه بالطريق أربعمائة فلم يدخل طُلَيْطِلَة إلا مائة فارس والحمد لله على ذلك كثيرًا.
وكانت هذه النعمة العظيمة والمنة الجسيمة يوم الجمعة 12 رجب 479هـ/23 شهر أكتوبر 1086م .. العجمي¬( ).
وأرسل المُعْتَمِد إلى ابنه الرشيد فى إشبيلية يزفُّ إليه البشرى بالنصر، وكان الناس بانتظار الأنباء على أحرِّ من الجمر، وقد حمل الرسالة الحمام الزاجل وهى مقتضبة إذ لا تتعدى السطرين، هذا نصها: «اعلم أنه التقت جموع المُسْلِمِين بالطاغية ألفونسو اللعين ففتح الله للمُسْلِمِين وهزم على أيديهم المشركين والحمد لله رب العالمين، فأعلم بذلك من قبلك إخواننا المُسْلِمِين والسلام»، وقرئت الرسالة بمسجد إشبيلية فعمها السرور، ثم توالت الكتب تفيض بأخبار النصر منها إنشاء الكاتب ابن عبد الله بن عبد البر النمرى وفيه يحدد تاريخ المعركة وسيرها وما أظهره ألفونسو من الغدر والآخرة للصالحين¬( ).
وأصبح يوم الزِّلاقَة عند المغاربة والأَنْدَلُسيين مثل يوم القادسية واليرموك: «يوم لم يسمع بمثله من القادسية واليرموك، فياله من فتح ما كان أعظمه، يوم كبير ما كان أكرمه، فيوم الزِّلاقَة ثبتت قدم الدِّين بعد زلاقها وعادت ظلمة الحق إلى إشراقها».
نتائج معركة الزلاقة:
كانت لمعركة الزِّلاقَة نتائج مهمة من أهمها:
1- رفع الروح المعنوية لأهل الأَنْدَلُس, خصوصًا بعد أن أنقذ الله بها سقوط سَرْقُسْطَة من سقوط محتَّم، وأزاح عن ملوك الطوائف وأمرائها كابوس النصارى ومتطلباتهم التى لا تنتهى من الجزية وغيرها.
2- سقوط هيبة ملوك الطوائف أمام رعاياهم خاصَّة أنهم قد هزموا فى بدء المعركة ولولا أن أكرمهم الله بالمرابطين لضاعت الأَنْدَلُس.
3- امتناع الرعية عن دفع الضرائب المخالفة لتعاليم الإسلام وتعلُّقهم بالمرابطين.
4- مهَّدت الزِّلاقَة إلى إسقاط دول الطوائف فيما بعد على يد منقذيهم.
5- ظهور نجم يوسف بن تاشفين والمرابطين فى العالم أجمع.
6- انصياع قبائل المغرب التى كانت مترددة فى ولائها وتنتظر فرصة الوثوب على المرابطين، وبذلك تكون نتيجة معركة الزِّلاقَة أن جعلت تلك القبائل تخلد إلى السكينة وأعلنت ولاءها التام.
7- عمت الأفراح أرجاء العالم الإسلامى فى شرقه وغربه وأعتقت الرقاب وسُرَّ العلماء والفقهاء بهذا النبأ السعيد.
8- أصيب نصارى الإسبان بهزيمة تعيسة أثَّرت فى نفوسهم, وتحطمت آمالهم فى الاستيلاء على أراضى المُسْلِمِين فى الأَنْدَلُس وإبعادهم.
9- جعلت النصارى يُرتِّبون أمورهم ويوحِّدون صفوفهم, ويتنازلون عن صراعاتهم الدَّاخلِيَّة.
وغير ذلك من النتائج المهمة التى غيرت مجرى تاريخ الأَنْدَلُس وبلاد المغرب.
بعد أن رتب الأمير يوسف أموره بعد معركة الزِّلاقَة عاد إلى إشبيلية، ودعا رؤساء الأَنْدَلُس إلى اجتماع عام، وطلب منهم الاتفاق والاتحاد ضد عدوهم المشترك الذى نخر فيهم بسبب اختلافهم؛ فأجابه الجميع بقبول وصيته وتحقيق رغبته، وترك ثلاثة آلاف جندى مرابطى للدفاع عن ثغور الأَنْدَلُس بقيادة سير بن أبى بكر¬( ).


فقه التمكين عند
دولة المرابطين

تأليف
علي محمد الصلابي

[ Next Thread | Previous Thread | Next Message | Previous Message ]

Replies:
Subject Author Date
قراءة في مخطوط تاريخ ميورقةNo name02:10:43 09/04/07 Tue
    Re: قراءة في مخطوط تاريخ ميورقة (NT)No name05:04:54 01/28/08 Mon


    [ Contact Forum Admin ]


    Forum timezone: GMT-8
    VF Version: 3.00b, ConfDB:
    Before posting please read our privacy policy.
    VoyForums(tm) is a Free Service from Voyager Info-Systems.
    Copyright © 1998-2019 Voyager Info-Systems. All Rights Reserved.